الأمر فنجعله إليه، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه. فأسكت الشيخان -يعني: عليًا، وعثمان-، فقال عبد الرحمن ﵁: أفتجعلونه إليَّ، والله عليَّ أن لا آلو عن أفضلكم؟ قالا: نعم. فأخذ بيد أحدهما -يعني: عليًا- فقال: لك من قرابة رسول الله ﷺ، والقِدَم في الإسلام ما قد علمت، فالله عليك لئن أَمَّرتُك لتعدلن، ولئن أَمَّرتُ عثمان لتسمعن ولتطيعن، قال: نعم. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعَه، فبايع له عَليٌّ، ثم وَلجَ أهل الدار فبايعوه.
زاد الطبراني في روايته: أنَّ عبد الرحمن دار تلك الليلة كلها على الصحابة ومن وافى المدينة من أشراف الناس، لا يخلو برجلٍ منهم إلَّا أمره بعثمان، فقال: يا علي؛ إني سألت الناس كلهم؛ فما رأيتهم يعدلون بعثمان.
تَنبيْه
عُلِم من هذه الأحاديث أنَّ عمر ﵁ كان أحبَّ الناس إلى عليّ، وأنَّ عليًا كان أحبَّ الناس إلى عمر ﵄؛ كما يدل عليه قوله: إن ولوها الأَجْلَح. الحديث، وأنه إنما لم يُولّهِ الخلافة مع إخباره بأولويته؛ مخافة أن يصدر من الخليفة أمرٌ فيكون هو المسؤول عنه؛ لعلمه أنَّ الفتن تقع بعده، ولهذا قال: "لا أتحملها حيًا وميتًا". في جواب عبد الله بن عمر ﵄: فما يمنعك أن تولّي عليًا؟
وظهر بهذا كَذِبُ الرافضة وافتراؤهم أنَّ عليًا واطأ أبا لؤلؤة في قتل عمر ﵄، وأنه إنما قتله عن أَمْرِ علي ﵁، وأنَّ عمر ﵁ إنما جعل الخلافة شورى بين ستة؛ ليصرفها عن علي ﵁، وأنَّ عبد الرحمن بن عوف ﵁ باطن عثمان ﵁ على ذلك. إلى غير ذلك من الزُّور والبُهتان، فقاتلهم الله أَنّى يُؤفَكون، وقاتلهم الله بما يفترون، فَإنّا لله وَإنّا إليه راجعون.
ومنها: قتل أمير المؤمنين عثمان بن عفان ﵁:
عن الزبير ﵁ أنه قال: قتَل النبي ﷺ يوم الفتح رجُلًا من قريش صَبرًا، ثم قال ﷺ: "لا يُقتل قُرشي بعد هذا اليوم صبرًا إلَّا
1 / 39