وعكسه العامل بمعاصي الله يكون مغموما محزونا قلقا يزداد حزنه وحسرته وندامته إلى غير نهاية.
ففكر يا أخي، واختر لنفسك رحمنا الله وإياك وجميع المسلمين ما دمت في قيد الحياة في دار الاختيار لم تطوى صحيفتك.
فالبدار البدار فيما ينفعك ويرفعك وإياك والتسويف، فإنه شر والإنسان معرض للآفات والشواغل الكثيرة.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وغناك قبل فقرك، وحياتك قبل موتك».
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه، وابن ماجه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: «المؤمن يموت بعرق الجبين»، وقال ابن مسعود: إن المؤمن يبقى عليه خطايا يجازي بها عند الموت، فيعرق لذلك جبينه.
وقال سفيان: كانوا يستحبونة العرق للموت، ومن ثم قال علقمة لبعض أصحابه: أحضرني فلقني لا إله إلا الله، فإن عرق جبيني فبشرني.
قال بعض العلماء: وإنما يعرق جبينه حياء من ربه لما اقترف من مخافته؛ لأن ما سفل منه قد مات وإنما بقيت منه قوة الحياة وحركاتها فيما علا.
والحياء في العينين، والكافر في عما عن هذا كله، والموحد المعذب في شغل عن هذا بما حل به.
ولما احتضر عمرو بن العاص قال ابنه: يا أبت، إنك كنت تقول: ليتني ألقى رجلا عاقلا عند الموت حتى يصف ما يجد، وأنت ذلك الرجل فصف لي الموت، قال: يا بني والله لكأني أنتفس من سم أبرة وكأن غصن شوك يجر به من قدمي.
وقال: أجد كأن السموات أطبقت على الأرض وأنا ينهما وكأن نفسي تخرج على ثقب لأبرة وكأن غصن شوك يجذب به من هامتي إلى قدمي.
Sayfa 79