فروي أن الحسن البصري دخل على مريض يعوده فوجده في سكرات الموت، فنظر إلى كربه وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم، فقالوا له: الطعام، فلم يأكل، وقال: فوالله لقد رأيت مصرعا لا أزال أعمل له حتى اللقاء.
رابعا: مما يلين القلوب القاسية زيارة القبور.
فإنها تبلغ من القلوب ما لا يبلغه الأول والثاني والثالث؛ لأنها تذكر بالآخرة.
ولم أرى كالأموات أفجع منظرا ... ولا واعظي جلاسهم كالمقابر
آخر:
وعظتك أجداث وهن صموت ... وأصحابها تحت التراب خفوت
الخامس: زيارة المستشفيات والمستوصفات فإنها تلين القلوب وتحث الإنسان على حمد الله وشكره وعلى الجد والاجتهاد فيما يعود نفعه على الإنسان في الآخرة.
وينبغي للإنسان أن يقوي ظنه بالله ويستحضر رحمته ورأفته ولطفه بعباده ولاسيما عند الاحتضار.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله» رواه مسلم، في حديث أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «قال الله عز وجل: أنا عند ظن عبدي بي» الحديث متفق عليه.
ولا ريب أن حسن الظن برب العالمين الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى الحليم الكريم الجواد الرحمن الرحيم الرءوف بالعباد الغني عنا وعن أعمالنا وعن تعذيبنا عقابنا.
من أعظم ما نتقرب به إليه ومن أجزل ما نتوجه به عليه.
أي عبادة أعظم من حسن ظننا برب العالمين مع الخوف من معاملته إيانا بعد له.
فالعاقل يكون بين الخوف والرجاء لكن يغلب الرجاء عند الاحتضار ويحسن الظن بالكريم الغفار، ويستحضر أنه قادم على أكرم الأكرمين، وأجود الأجودين البر الرحيم.
Sayfa 66