وعن نهشل بن كثير، عن أبيه قال: أدخل الشافعي يوما إلى بعض حجر هارون الرشيد ليستأذن له ومعه سراج الخادم، فأقعده عند أبي عبدالصمد مؤدب أولاد هارون الرشيد، فقال سراج للشافعي: يا أبا عبدالله، هؤلاء أولاد أمير المؤمنين، وهذا مؤدبهم فلو أوصيته بهم، فأقبل عليهم، فقال: ليكن أول ما تبدأ به من إصلاح أولاد أمير المؤمنين إصلاحك نفسك، فإن أعينهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما تستحسنه، والقبيح عندهم ما تكرهه، علمهم كتاب الله ولا تكرههم عليه فيملوه ولا تتركهم منه فيهجروه، ثم روهم من الشعر أعفه، ومن الحديث أشرفه، ولا تخرجهم من علم إلى غيره حتى يحكموه فإن ازدحام الكلام في السمع مضلة للفهم.
إذا وقفت النفس عما اشتبه عليها وقبلت ما اتضح لها فهو دليل على ذكائها وورعها.
نفوس الأبرار تنفر من أعمال الفجار.
ونفوس الأشرار متبرمة ومتكرهة لأعمال الأبرار.
متبع الشهوات نادم في العاقبة مذموم في العاجلة، وتارك الشهوات سالم غانم في العاجلة، محمود مغتبط في الآجلة.
من مال إلى الدنيا تعجل التعب فيها، وكان على يقين من فنائه.
ومن زهد فيها استراح من عنائها وأحبه أهلها، وأمن خوف العاقبة بعد مفارقتها.
ما أغفل من يتيقن بالرحيل عن الدنيا، وهو دائب جاد في عمارتها.
وجدير بالعاقل أن لا يجد في عمارة شيء يتركه لغيره.
لله عشر من الأعوام باهرة ... مضين كالسهم أو كالبرق في عجل
كذا تمر ليالي العمر راحلة ... عنا ونحن مع الآمال في شغل
نمسي ونصبح في لهو نسر به ... جهلا وذلك يدنينا من الأجل
والعمر يمضي ولا ندري فوا أسفا ... عليه إذ مر في الآثام والزلل
يا ليت شعري غدا كيف الخلاص به ... ولم نقدم لنا شيئا من العمل
يا رب عفوك عما قد جنته يدي ... فليس لي بجزاء الذنب من قبل
Sayfa 61