المعلم زارع والنفوس مزارع، والدراسة ماء التربية فمن لم تكن مزرعته نقية وماؤها متدفقا لم ينجح الزرع.
القدوة معلم يفيد بلا لسان بإذن الله ومرشد ناصح من غير بيان.
وهي مدرسة الإنسان العلمية التي يرسخ تعليمها في النفوس ويعلق بالأفهام.
والناس مائلون دائما إلى أن يتعلموا بعيونهم أكثر مما يتعلمون بآذانهم.
والمرئي يؤثر أكثر من المقروء والمسموع.
وتعليم العمل أنفع من تعليم القول والإرشاد يرى الطريق، ولكن القدرة البكماء تسيره فيه بإذن الله.
ومهما أوتي المعلم من الفصاحة والبراعة في تهذيب النفوس فليس ببالغ ما يبلغه زميل له دونه في المهارة وفوقه في السيرة.
ولهذا قيل: خير النصح افعل كما أفعل لا كما أقول، ولما كانت غريزة التشبه أقوى في الأحداث ينبغي أن ينشئوا في بيئة صالحة لينشئوا نافعين، فإنهم يتشبهون ويتمثلون بمن حولهم، قال الله تعالى عن بلقيس: {وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين}.
ولهذا قالوا: انظر إلى الحشرات الصغيرة تتلون بلون النبات الذي تقتات به.
ومن أجل ذلك كان التربية البيتية أبلغ في نفوسهم من التربية المدرسية.
فالبيت أصل المجتمع ومن ينوعه تنبعث الآداب والأخلاق؛ ولهذا يجب الاعتناء به.
وصفات الوالدين تظهر في أولادهما وأفعالهما المختلفة التي يمارسونها تحيا في أولادهما بعد أن يكونوا قد نسوا تعليمها الشفوي.
ونظرة واحدة من الأب أو الأم قد تبقى مؤثرة في الولد مدى الحياة.
Sayfa 60