أين رواياتك في سردها ... لترك أبواب السلاطين» فلما وقف ابن علية على الأبيات قام من مجلس القضاء فوطئ بساط هارون الرشيد، فقال: يا أمير المؤمنين، الله الله ارحم شيبتي فإني لا أصبر على القضاء.
فأعفاه من القضاء، فلما اتصل بعبدالله بن المبارك وجه إليه بالصرة التي كانت يتحفه بها مع زملائه. اه.
عن الشعبي، قال: جاء رجلان إلى شريح، فقال أحدهما: اشتريت من هذا دارا فوجدت فيها عشرة آلاف درهم، فقال: خذها، فقال له: إنما اشتريت الدار.
فقال للبائع: فخذها أنت، فقال له: ولم وقد بعته الدار بما فيها فأدار الأمر بينهما.
فأتى زيادا فأخبره، فقال: ما كنت أرى أن أحدا هكذا بقي، وقال لشريح: أدخل بيت المال فألق في كل جراب قبضة حتى تكون للمسلمين.
وقيل: كان مورث العجلي يتجر فيصيب المال فلا يأتي جمعة وعنده منه شيء يلقى الأخ فيعطيه أربعمائة أو خمسمائة أو ثلاثمائة، فيقول: ضعها عندك حتى نحتاج إليها.
قال: ثم يلقاه بعد ذلك، فيقول الأخ: لا حاجة لي فيها، فيقول: والله إنا ما نحن بآخذيها أبدا فشأنك بها، وعلى هذه الطريقة كان كثير من السلف على حد قول الشاعر:
لا يألف الدرهم المضروب صرتنا ... لكن يمر عليها وهو منطلق
روي أن صحابيا رأى طفلا في المسجد يصلي بخشوع وإتقان، فقال له بعد صلاته: أبن من أنت؟ فقال: إني يتيم، فقدت أبي وأمي، فقال: أترضى أن تكون لي ولدا، فقال: هل تطعمني إذا جعت؟ قال: نعم. قال: وهل تكسوني إذا عريت؟ قال: نعم، قال: وهل تحييني إذا مت؟ فدهش الصحابي، وقال: هذا ليس إليه سبيل، فأشاح الصبي بوجهه، وقال: إذن اتركني للذي خلقني ثم رزقني ثم يميتني ثم يحييني، فقال الصحابي: لعمري من توكل على الله كفاه.
Sayfa 30