وصفٍ ولا تشبيه، فمن فسَّر شيئًا من ذلك فقد خرج مما كان عليه النبيُّ ﷺ، وفارق الجماعة؛ فإنهم لم يَصِفُوا ولم يفسِّروا، ولكنْ آمنوا بما في الكتاب والسُّنة ثم سكتوا، فمن قال بقول جَهْمٍ فقد فارق الجماعة» (^١) انتهى.
فانظر رحمك الله إلى الإمام كيف حكى الإجماع في هذه المسألة، ولا خير فيما خرج عن إجماعهم، ولو لزم التجسيمُ من السكوت عن تأويلها لفرُّوا منه وأوَّلوا ذلك؛ فإنهم أعرفُ الأمة بما يجوزُ على الله وما يمتنعُ عليه.
وثبت عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني (^٢) أنه قال: «إن أصحاب الحديث المتمسِّكين بالكتاب والسُّنة يعرفون ربهم ﵎ بصفاته التي نطق بها كتابُه (^٣) وتنزيلُه، وشهد (^٤) له بها رسولُه، على ما وردت به الأخبارُ الصِّحاحُ ونقله العدولُ الثقات. ولا يعتقدون تشبيهًا لصفاته بصفات خلقه، ولا يكيِّفونها تكييفَ المشبِّهة (^٥)، ولا يحرِّفون الكلمَ عن مواضعه تحريفَ المعتزلة والجهمية.
وقد أعاذ الله أهلَ السُّنة من التحريف والتكييف، ومنَّ عليهم بالتفهيم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنزيه، وتركوا القولَ بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا بنفي النقائص بقوله عزَّ مِن قائل: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ
_________
(^١). «ذم التأويل» (١٣). وأخرجه كذلك اللالكائي (٧٤٠).
(^٢). شيخ الإسلام أبو عثمان (ت: ٤٤٩). «السير» (١٨/ ٤٠).
(^٣). «عقيدة السلف وأصحاب الحديث»: «وحيه».
(^٤). «عقيدة السلف وأصحاب الحديث»: «أو شهد».
(^٥). الأصل: «المشبه». والمثبت من (ذ) و«عقيدة السلف وأصحاب الحديث».
1 / 8