الكلام في مساق الاحتجاج دل على أنّه اجتهد في ذلك الحكم فاحتج له بقوله: أمرت، فلو فرض أن آمره صحابي أخر للزم تقليد المجتهد للمجتهد وهو باطل، فتعين أن يكون آمره الرسول لأنّه المشرع، وإذا لم يورده الصحابي في مقام الاحتجاج جاز أن يكون الآمر به غير الرسول كأبي بكر أو غيره، ممّن له الحكم بطريق الاجتهاد والمأمور مقلد، وإنّما جاء قوله ممّن اشتهر ... الخ تذييلًا للكلام المتقدم وتقوية له فلينظر المتأمل وينصف المناظر.
ومن العجائب أن (ع) يعيب على من يأخذ كلام غيره ويتصرف فيه موهمًا أنّه من تصرفه حتّى في هذا الباب بعينه، ولم نسمع بأحد اعتمد ذلك في شرحه غيره حتّى إنّه يزيد على غيره بأن يكتب كلام السابق حتّى قول السابق.
قلت، فيكتبها موهمًا أنّه هو القائل، فإن تعمد فهي سرقة قبيحة، وإن غفل عن مثل ذلك فناهيك.
وأما قوله: هذا القيد غير محتاج لأنا قلنا: إنَّ الصحابي إذا قال: أمرت فمعناه أمرني النّبيّ ﷺ أن ذلك لم يخف على (ح) وإنّما أراد تنقيح المناط بأن حمل قول الصحابي أمرت على ذلك محله ما إذا أورد الحديث مجيبًا لمن سأله عن الحكم على سبيل بيان مسنده فحينئذ يحمل قوله: أمرت على أن آمره يشرع له تقليده بخلاف إذا كان بصدد الرِّواية خاصّة فإن المجتهد يحق له أن يروي عن مجتهد آخر شيئًا من اختيار ذلك المجتهد ولا يجوز له أن يورد كلامه في مقام الاحتجاج لأنّ المجتهد لا يقلد مجتهدًا آخر، فمن لا يفهم هذا القدر مع وضوحه كيف يدعي أنّه كلام في غاية السقوط فالله المستعان.
قوله:
1 / 54