ومن ثم فتعدد الزوجات سنة نافعة للنساء باعتبارهن نوعا. هذا على أنني لا أرى ثمة مانعا معقولا يصد رجلا أصيبت زوجته بداء عضال، أو بقيت عاقرا لا تلد، أو كانت لا تناسبه سنا، من أن يقترن بزوجة أخرى. وإن كثيرا من الناس يصبأون إلى مذهب المرمون ليصبحوا في حل من الاقتران بأكثر من واحدة.
ولا يعجبني هذا المذهب التجاري في الزواج. أو لا أستحسن أن يكون القوت هو الجامع بين الجنسين لما سأبينه بعد. ولكن الذي أراه وأحسب أنني مصيب فيه، أنه سواء كان الزواج موحدا أو معددا، شرعيا أو مدنيا، لا يحسن أن يترك للمرأة كل الرأي فيه.
الانتخاب الجنسي
فلست ممن يرجون من الانتخاب الجنسي نفعا للمرأة أو لنوع الإنسان، ما دام الانتخاب على هذا النمط. وإن البقرة لتنفع نوع البقر بغريزتها الانتخابية أكثر مما تنفع المرأة نوع الإنسان. ذلك لأنه ليس للمرأة - كما قدمت - رأي ذاتي في الرجل، فهي لا تحسن الاختيار ولا تتحرى الأصلح في تمييزها بين الرجال.
وليس أيسر - على من رام أن يتحقق ذلك - من أن يلحظ أحوال رجالنا، وينظر فيما جعلهم يتنافسون بينهم لاسترعائها واجتذاب قلبها .
فالفتيان لا يزالون يتبارون في التعطر، وصف الطرر، وفتل السبال، ورشاقة المشية، والتأنق في الهندام، والترصد في الطرقات، إلى ما شاكل ذلك مما لا يتعدى الجمال الظاهر، ويؤدي العكوف عليه إلى سقوط الهمة وموت النفس.
فليت هذا الانتخاب الجنسي، إذ أخفق في تحسين الأجيال المقبلة، قد سلم الجيل الحاضر من شره ونجا من بوائقه!
والمرأة - ما تركت لنفسها - راضية بذلك منهم. لا تكلفهم التباهي بمكرمة أو التسابق إلى فضيلة ليستحقوا ودها ويرجحوا سواهم لديها.
وليس هذا في مصر بلد المرأة الجاهلة. ولكنه كذلك في أوروبا بلد السوبرمان المترقية. وما أكثر «الظرفاء» هناك ممن لا هم لهم إلا التصدي للنساء في كل مكان! •••
أما من عداهم الشباب وخلفهم رونق الصبا، فأولئك يتجاذبونها بالنوال، ويرغبونها بالمال. والمال بغية نفس المرأة، به تقتني نفيس العقود، وثمين الجواهر، وسني الثياب، وزكي الروائح والعطور، وتزدهي على أترابها. فهو إذا لم يرض عاطفة العشق فيها أرضى عاطفة الغيرة، وكلتاهما بالمنزلة الأولى بين عواطف نفسها.
Bilinmeyen sayfa