Inquiries into the Miraculous Nature of the Quran
مباحث في إعجاز القرآن
Yayıncı
دار القلم
Baskı Numarası
الثالثة
Yayın Yılı
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
Yayın Yeri
دمشق
Türler
الفصل الثالث الإعجاز التّشريعيّ
الحديث عن الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم حديث عن النظام الخالد للكون وما فيه، فالذي أبدع الكون من العدم وأوجد فيه من المخلوقات ما لا يحصى عددا وجعل أشرف هذه المخلوقات وأكرمها بني آدم، قد اختار لهذا المخلوق المعزز دستورا في الحياة ينظم سلوكه في الدنيا وعلاقته بنفسه وبخالقه ﷾، ورتب نتائج دنيوية وأخروية على نتيجة سيره وفق هذا الدستور الإلهي الكريم، حيث يحصل الإنسان على الطمأنينة والعزة والرفاه في الدنيا ويشعر بإنسانيته الحقة، ويدرك الحكمة الإلهية من خلقه وإيجاده وتفضيله على سائر المخلوقات، كما ضمن الله ﷾ له السعادة في الآخرة استمرارا لسعادته الدنيوية:
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ [الأعراف: ٣٢].
واشتمل القرآن الكريم على الأنظمة التي يحتاجها البشر في حياتهم المعاشية ولم يدع جانبا من جوانب الحياة إلا كانت له نظرته الخاصة وتشريعه المستقل بحيث ينتج من مجموع أنظمته تشريع متكامل لمناحي الحياة كلها الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا [المائدة: ٥].
وينتج من تطبيقه على الناس أمة متكاملة الشخصية متميزة الملامح والسلوك عن سائر الأمم كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
1 / 231