فصلٌ: في بيان الهجرة، وما يجب من ذلك
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ﴾ [الأنفال: ٧٢]، وقال -تعالى-: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْواْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ٩٧] .
ذكر أهل العلم أنّه لمَّا فرض الله ﷿ الجهاد على رسوله ﷺ، أوجَبَ على من كان تخلَّف من المسلمين بمكة الخروج منها، وأنْ يهجروا دار الشرك، ويلحقوا برسول الله ﷺ، فيقال: إنَّ قومًا ممن كان بمكة أسلموا، وأقاموا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر، فأصيب بعضهم، فنزلت فيهم ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [النساء: ٩٧]، إلى آخر الآية (١) .
_________
(١) أخرجه بنحو هذا اللفظ: عبد الرزاق في «التفسير» (١/١٧١) -ومن طريقه ابن جرير في «التفسير» (٩/١٠٦-١٠٧ رقم ١٠٢٦٦) -، وسعدان بن نصر في «جزئه» (رقم ٤٧) -ومن طريقه البيهقي في «السنن الكبرى» (٩/١٤- ط. الهندية أو ٩/٢٤-٢٥ رقم ١٧٧٥٩- ط. العلمية) -؛ كلاهما عن سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، به.
ورواه محمد بن شريك عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، وزاد: عن ابن عباس.
أخرجه ابن أبي حاتم في «التفسير» (٣/١٠٤٦ رقم ٥٨٦٣)، وابن جرير في «التفسير» (٩/ ١٠٢-١٠٣ رقم ١٠٢٦٠) من طريق أحمد بن منصور الرمادي، والبزار (٤ رقم ٢٢٠٤- زوائده) من طريق أبي نعيم؛ كلاهما عن محمد بن شريك، به.
قال البزار: «لا نعلم أحدًا يرويه عن عمرو إلا محمد بن شريك» .
وقال الهيثمي في «المجمع» (٧/١٢-١٣): «رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، غير محمد ابن شريك، وهو ثقة، وثقه أحمد وابن معين، وأبو زرعة والدارقطني. وقال أبو حاتم والنسائي والفسوي: ليس به بأس»، وانظر له: «تهذيب الكمال» (٢٥/٣٦٩) .
وعزاه السيوطي في «الدر المنثور» (٢/٢٠٥) -أيضًا- لابن المنذر في «تفسيره» -وهو ليس في القسم المطبوع منه-، وابن مردويه. واقتصر في «لباب النقول» (ص ١٠٧) عزوه على ابن المنذر وابن جرير. وكذلك فعل -قبله- ابن حجر في «الفتح» (٨/٢٦٣)، وسكت عنه. =
1 / 61