. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= النصر، قال في كتابه «الاستغاثة والرد على البكري» (٢/٦٢٣) بعد أن قرر هذا:
«ولهذا كان أهل المعرفة بالدِّين والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله، ولما يحصل في ذلك من الشر والفساد وانتفاء النصرة المطلوبة في القتال، فلا يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة، لمن عرف هذا وهذا، وإن كان كثير من المقاتلين الذين اعتقدوا هذا قتالًا شرعيًا أُجروا على نياتهم» في كلام مهم تنظر تتمته.
قال أبو عبيدة: هذا من دقة شيخ الإسلام ابن تيمية المتناهية في المسائل الفقهية؛ فالجهاد في الظروف الصعبة، والأحوال غير الطبيعية يحتاج إلى أحكام تراعى فيه ظروفه، وما يحيط به من مستجدات، وهو ليس كالصلاة، لابد من أدائه على أية حال! كما يعتقد بعض الداعين إليه، والمتحمسين له! ولست مبالغًا إن قلت: إنّ أبرز آثار (الفوضى) في (الفتوى) اليوم تظهر علينا في (الجهاد) وأحكامه!
والعجب من المفتين التناقض الشديد بينهم في هذا الميدان، واختلافهم في الجملة على حسب البلدان، ويدور مع مصالحهم دون النظر إلى مآلات الأفعال، وقد بلونا جملة من الوقائع، سمعنا فيها عجبًا من أناس يشار لهم بالبنان، يتكلمون على أنهم علماء الأمة، ويطلقون التكفير بمراهقة الشبان، وهم كبار كبار؛ في أسنانهم، ودعواتهم، ومناصبهم، ولكنهم -والله! - ليسوا كذلك في تقعيدات العلماء وأصولهم! وأكبر مثال وأشهره -وهو ما زال ماثلًا للعيان-: الجهاد في العراق لصد العدوان الأمريكي؛ فكثير من الناس أفتى بالوجوب العيني على الشباب، بناءً على أن أمريكا هي أصل الشر، و...، و...، و...، دون اعتبار جميع الأوصاف والقيود التي لها أثر في الفتوى؛ فالنتائج محسومة، والأمور محسوبة، والأمن للمجاهدين غير حاصل، والنظام القائم بَعْثيٌّ لا شرعي، ولو قيل بالجواز لهان الخطب، أمّا الوجوب، والوجوب العيني؛ فهذ -والله! - غفلة عما نبه شيخ الإسلام ابن تيمية على ما هو دونه، ووصف غير المقاتلين للتتر آنذاك «أهل المعرفة بالدين» !
والخلط والخبط في الأزمات يشتدّ، ولا سيما في أحكام الجهاد؛ فهذا قائل بوجوب القتال مع العراق، وآخر بوجوب القتال ضدّه، وكلا الصنفين ينعت وجوبه بـ: «الشرعي»، وتكرر هذا الخلط عدة مرات، ابتداءً من الحرب ضد إيران، ومرورًا باحتلال الكويت، وأخيرًا عند قدوم الأمريكان!! -والله أعلم بما سيكون في قابل الزمان- ووراء كل صنف إعلام ومؤسسات وهيئات للفتوى!
و(الشباب) متحمّس ومتوثّب ومتثبّت، ومواقفهم -ما لم يعصمهم الله- متذبذبة، وسماع الوجوب العيني مع عدم فعله له آثار تربوية سيئة مدمرة! لا يقدّره إلا الراسخون المربون من العلماء.
أما آن للمفتين قبل استدعاء النصوص -التي يعرفها كل طالب علم- فحص المكان والواقع الذي ستنزّل عليه، والنظر إلى المآلات؟!
وأخيرًا ... إنّ إماتة لفظة (الجهاد) من مشاعر المسلمين، سواء بسوء استخدامها، ووضعها في =
1 / 49