فصلٌ
واستقرَّ الفرضُ في قتال الكفار أنه عامٌّ في كل زمان ومكان، سواء في ذلك الحَرَمُ، والأشهر الحُرُم، وغيرها، كلُّ ذلك لا يمنع من قتالهم ابتداءً، وإن لم يبدؤوا بذلك، وعلى هذا جمهور العلماء.
ورُوي عن مجاهدٍ وطاوسَ (١): أنه لا يحلُّ لأحدٍ أن يقاتل أحدًا في الحرَم إلا أن
_________
= وهب بن جرير، عن أبيه، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: «خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربع مئة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولا يُغلب اثنا عشر ألفًا من قِلَّة» .
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، لخلافٍ بين الناقلين فيه عن الزهري» . ووافقه الذهبي. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لايسنده كبير أحدٍ غير جرير بن حازم، وإنما رُوي هذا الحديث عن الزهري، عن النبي ﷺ مرسلًا. وقد رواه حبَّان بن عليٍّ العنزي، عن عُقيل، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ. ورواه الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهري، عن النبي ﷺ مرسلًا. وقال أبو داود: والصحيح أنه مرسل.
قلت: أخرجه في كتابه «المراسيل» (رقم ٣١٣): حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا عبد الله بن المبارك، عن حيوة، عن عقيل، عن الزهري، قال: قال رسول الله ﷺ:.. وذكر الحديث. وهو في «سنن سعيد بن منصور» (رقم ٢٣٨٧) .
وأخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (رقم ٩٦٩٩) عن الزهري، به مرسلًا.
قال شيخنا الألباني -رحمه الله تعالى- في «الصحيحة» (رقم ٩٨٦): قلت: «جرير بن حازم ثقة، احتجَّ به الشيخان، وقد وصله، وهي زيادة يجب قبولها، ولايضره رواية من قصر به على الزهري، ولذلك قال ابن القطان -كما في «الفيض» -: هذا ليس بعلَّة، والأقرب صحَّته، وقد تابعه حبان بن علي العنزي، على وصله، كما ذكره الترمذي، ووصله لوين في «حديثه» (رقم ١١) -قلت: وكذا وصله أبو يعلى (٥/ رقم ٢٧١٤) -، حدثنا حبان بن عليٍّ، به. وهكذا وصله ابن عدي في «الكامل» (١٠٨/١) - أو (٢/ ٤٢٧) - من طريق أخرى عنه، ووصله -أيضًا- الطحاوي في «المشكل» (١/٢٣٨)، والدارمي (٢/ ٢١٥) . فالحديث صحيح مرفوعًا» انتهى كلام شيخنا ﵀. وانظر: «صحيح أبي داود» .
قلت: ثم تراجع الشيخ عن تصحيحه. انظر: «الضعيفة» (٦١٨٠)
(١) مذهب مجاهد: أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (٢/١٩٢)، وذكر مذهبه -أيضًا- الجصاص في «أحكام القرآن» (١/٢٦٨ و٤/٢٦٨)، وابن العربي في «أحكام القرآن» (١/١٠٧) . =
1 / 34