İmamet Kitap ve Sünnet Işığında

İbn Teymiyye d. 728 AH
169

İmamet Kitap ve Sünnet Işığında

الإمامة في ضوء الكتاب والسنة

والله تعالى مدح الصادق فيما يجيء به، والمصدق بهذا الحق. فهذا مدح للنبي صلى الله عليه وسلم، ولكل من آمن به وبما جاء به. وهو سبحانه لم يقل: والذي جاء بالصدق والذي صدق به، فلم يجعلهما صنفين بل جعلهما صنفا واحدا، لأن المراد مدح النوع الذي يجيء بالصدق ويصدق بالصدق، فهو ممدوح على اجتماع الوصفين، على أن لا يكون من شأنه إلا أن يجيء بالصدق، ومن شأنه أن يصدق بالصدق.

وقوله: (جاء بالصدق) اسم جنس لكل صدق، وإن كان القرآن أحق بالدخول في ذلك من غيره، ولذلك صدق به أي بجنس الصدق. وقد يكون الصدق الذي صدق به ليس هو عين الصدق الذي جاء به، كما تقول: فلان يسمع الحق، ويقول الحق ويقبله، ويأمر بالعدل ويعمل به. أي هو موصوف بقول الحق لغيره، وقبول الحق من غيره، وأنه يجمع بين الأمر بالعدل والعمل به. وإن كان كثير من العدل الذي يأمر به، ليس هو عين العدل الذي يعمل به.

فلما ذم الله سبحانه من اتصف بأحد الوصفين: الكذب على الله، والتكذيب بالحق، إذ كل منهما يستحق به الذم، مدح صدهما الخالي عنهما، بأن يكون يجيء بالصدق لا بالكذب، وأن يكون مع ذلك مصدقا بالحق، لا يكون ممن يقوله هو، وإذا قاله غيره لم يصدقه، فإن من الناس من يصدق ولا يكذب، لكن يكره أن غيره يقوم مقامه في ذلك حسدا ومنافسة، فيكذب غيره في صدقه أو لا يصدقه، بل يعرض عنه، وفيهم من يصدق طائفة فيما قالت، قبل أن يعلم ما قالوه: أصدق هو أم كذب؟ والطائفة الأخرى لا يصدقها فيما تقول وإن كان صادقا، بل إما أن يصدقها وإما أن يعرض عنها.

وهذا موجود في عامة أهل الأهواء: تجد كثيرا منهم صادقا فيما ينقله، لكن ما ينقله عن طائفته يعرض عنه، فلا يدخل هذا في المدح، بل في الذم، لأنه لم يصدق بالحق الذي جاءه.

Sayfa 170