487

الجزيرة إلى قريب العصر فرأيت منازل حسنة مرتفعة البنيان إلا أنها خالية لكن فيها آثار الانس قال : فاسترحت في موضع منها ، فلما صار العصر رأيت عبيدا وخدما كل واحد منهم على بغل فنزلوا وفرشوا فرشا نظيفة وشرعوا في تهيئة الطعام وطبخه ، فلما فرغوا منه رأيت فرسانا مقبلين عليهم ثياب بيض وخضر ويلوح من وجوههم الأنوار فنزلوا وقدم إليهم الطعام فلما شرعوا في الأكل قال أحسنهم هيئة وأعلاهم نورا : ارفعوا حصة من هذا الطعام لرجل غائب فلما فرغوا ناداني : يا فلان بن فلان ، أقبل فعجبت منه فأتيت إليهم ورحبوا بي فأكلت ذلك الطعام وما تحققت إلا أنه من طعام الجنة ، فلما صار النهار ركبوا بأجمعهم وقالوا لي : انتظر هنا فرجعوا وقت العصر وبقيت معهم أياما فقال لي يوما ذلك الرجل الأنور : إن شئت الإقامة معنا في هذه الجزيرة أقمت وإن شئت المضي إلى أهلك أرسلنا معك من يبلغك بلدك فاخترت على شقاوتي بلادي ، فلما دخل الليل أمر لي بمركب وأرسل معي عبدا من عبيده فسرنا ساعة من الليل وأنا أعلم أن بيني وبين أهلي مسيرة أشهر وأيام فما مضى من الليل قليل منه إلا وقد سمعنا نبح الكلاب فقال لي ذلك الغلام : هذا نبح كلابكم فما شعرت إلا وأنا واقف على باب داري فقال : هذه دارك انزل إليها ، فلما نزلت قال لي : قد خسرت الدنيا والآخرة ذلك الرجل صاحب الدار فالتفت إلى الغلام فلم أره وأنا من ذلك الوقت بينكم نادما على ما فرطت ، هذه حكايتي وأمثال هذه الغرائب كثيرة لا نطيل الكلام بها.

** أقول :

من هذه إلا أن بينها اختلافا كثيرا وقد ذكرناها في الخامسة والعشرين من الحكايات والله أعلم (1).

** الحكاية التاسعة والثلاثون :

الكبرى المؤلف الضعيف وذلك في مسافرتي من محل إقامتي ومجاورتي ومدفني إن شاء الله تعالى وهو الحائر المقدسة الحسينية والبقعة المباركة الطيبة إلى زيارة مولانا أبي الأئمة في وقفة البعثة النبوية السنة المعروفة بالغريقية وذلك سنة ألف وثلاثمائة وخمس من الهجرة المقدسة وذلك أنه اتفقت تلك الزيارة في فصل الربيع من تلك السنة

Sayfa 60