Ilzam Nasib
إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب
بصاحبي صاحب الزمان في زي لباس طلبة الأعاجم عليه عمامة بيضاء في داخل البلد ، فلما رأيته استغثت به فخرج وأخذني معه وأدخلني من الباب فما رآني أحد ، فلما دخلت البلد افتقدته من بين الناس وبقيت متحيرا على فراقه عليه السلام وقد ذهب عن خواطري بعض ما كان في تلك الحكاية (1).
** الحكاية الثامنة والثلاثون :
كان منزله في بلد على ساحل البحر وكان بينهم وبين جزيرة من جزائر البحر مسير يوم أو أقل ، وفي تلك الجزيرة مياههم وحطبهم وثمارهم وما يحتاجون إليه فاتفق أنهم على عادتهم ركبوا في سفينة قاصدين تلك الجزيرة وحملوا معهم زاد يوم ، فلما توسطوا البحر أتاهم ريح عدلهم عن ذلك القصد وبقوا على تلك الحال تسعة أيام حتى أشرفوا على الهلاك من قلة الماء والطعام ثم إن الهواء رماهم في ذلك اليوم على جزيرة في البحر فخرجوا إليها وكان فيها المياه العذبة والثمار الحلوة وأنواع الشجر فبقوا فيها نهارا ثم حملوا منها ما يحتاجون إليه وركبوا سفينتهم ودفعوا ، فلما بعدوا عن الساحل نظروا إلى رجل منهم بقي في الجزيرة فناداهم ولم يتمكنوا من الرجوع فرأوه قد شد حزمة حطب ووضعها تحت صدره وضرب البحر عليها قاصدا لحوق السفينة فحال الليل بينهم وبينه وبقي في البحر ، وأما أهل السفينة فما وصلوا إلا بعد مضي أشهر ، فلما بلغوا أهلهم أخبروا أهل ذلك الرجل فأقاموا مأتمه فبقوا على ذلك عاما أو أكثر ثم رأوا أن ذلك الرجل قدم إلى أهله فتباشروا به وجاء إليه أصحابه فقص عليهم قصته قال : فلما حال الليل بيني وبينكم بقيت تقلبني الأمواج وإذا أنا على الحزمة يومين حتى أوقعتني على جبل في الساحل فتعلقت بصخرة منه ولم أطق الصعود إلى جوفه لارتفاعه فبقيت في الماء وما شعرت إلا بأفعى عظيمة أطول من المنار وأغلظ منها فوقعت على ذلك الجبل ومدت رأسها تصطاد الحيتان من الماء فوق رأسي فأيقنت بالهلاك وتضرعت إلى الله تعالى فرأيت عقربا تدب على ظهر الأفعى ، فلما وصل إلى دماغها لسعتها بإبرة فإذا لحمها قد تناثر عن عظامها وبقي عظم ظهرها وأضلاعها كالسلم العظيم الذي له مراق يسهل الصعود عليها قال : فرقيت على تلك الأضلاع حتى خرجت إلى الجزيرة شاكرا لله تعالى على ما صنع فمشيت في تلك
Sayfa 59