أبا الزبير لم يروِ عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل إن كان عندك، فدخل فنظر فيه، ثم رجع فقال: كيف هو يا غلام، فقلت: هو الزبير وهو ابن عدي عن إبراهيم، فأخذ القلم، وأصلح كتابه، وقال لي: صدقت.
قال: فقال له إنسان: ابن كم حين رددت عليه؟ فقال: ابن إحدى عشرة سنة (١).
٢ - وازدادت معرفة الإمام البخاري بالحديث رواية ودراية؛ يساعده على ذلك ملكته الحافظة، ورحلاته العديدة إلى مدن العالم الإسلامي؛ كي يسمع من شيوخها ويكتب عنهم بعد أن سمع من الشيوخ في موطنه وحفظ ما عندهم من الحديث.
وبدأ رحلاته بمكة المكرمة ليلتقي هناك بكثير من العلماء في موسم الحج، ثم رحل بعد ذلك إلى بغداد، والبصرة، والكوفة، والمدينة، والشام، وحمص، وعسقلان، ومصر، وبعض هذه البلاد رحل إليه أكثر من مرة، حتى يستقصي ما عند شيوخه من الحديث كتابة وسماعًا.
يقول: دخلت إلى الشام، ومصر، والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد مع المحدثين (٢).
وكانت له همة عالية وإخلاص وافر في تحصيل العلم وتدوينه، يؤثره على نومه وراحته، فقد روي أنه كان يستيقظ في الليلة الواحدة من نومه ويكتب
_________
(١) هدي الساري؛ مقدمة فتح الباري، دار الكتاب الجديد، لبنان (ص ٤٧٨، ٤٧٩).
(٢) هدي الساري (ص: ٤٧٩).
مقدمة / 7