اتبّاعُه على جميع الأمَّة، ويَحرمُ على كل أحَدِ نَقْضُه. وهذا شيء نشأ بعدَ حُكم الحاكم لا قبلَه، لأنَّ الواقعة كانت قبل هذا قابلةَ لجميع الأقوال، ولأنواع النقوض والمخالفات. ولا نعني بالإِنشاء إِلَّا هذا القدر، فقد وَضَح ذلك وبان.
_________
= إليه، والظاهر أن الِإمام القرافي - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -، لمَّا ألف هذا الكتاب ظنَّ أنَّه قدَّم في المقدمة ما أحال إليه، وكان ذلك ماثلًا في خاطره الشريف، ولكن لم يُثبته في الكتاب، ولم يُعِد النظرَ في الكتاب بعدَ انتهاء تأليفه، فوقعت له هاتان الِإحالتان على غير مُحال إليه؛ لأنَّه لو أعاد النظر لم يَغِب عنه إصلاحُ هذا الخَلَل.
وبعضُ العلماء قلَّما يُعيدون النظر فيما كتبوا أو أملَوْا، فربما وقع لهم الخطأ من سيلان المخاطر، وسُرعةِ الكتابة والقلم، فيَبقى الخطأ في كتبهم، وهم أعلمُ النَّاس به، وأنفَرُ النَّاس منه، ولكن لم ينتبهوا له، فيتسلسل فيها.
قالَ الحافظ الذهبي في "تذكرة الحفَّاظ" ٤: ١٣٤٦ - ١٣٤٧، في ترجمة (ابن الجوزي):؛ الإِمامُ العلامةُ الحافظُ، عالمُ العراق، وواعظُ الآفاق، جمال الدين عبد الرحمن بن علي ابنُ الجوزي، صاحبُ التَّصانيف السائرة في فنون العلم ...، وكان كثيرَ الغلط فيما يُصنِّفهُ، فإنه كان يَفرُغُ من الكتاب ولا يَعتبرُهُ - أي لا يُعيدُ النظرَ فيه -، له وهَمٌ كثير في تواليفه، يَدْخُلُ عليه الدَّخَلُ من العجلة والتحويل إلى مصنَّفِ آخر ... ". انتهى. فلعل ما وقع للمؤلف هنا من هذا الباب، والله أعلم.
1 / 42