ثم يقعُ السؤالُ عن حقيقة الحُكمِ المشارِ إِليه بعبارةِ تُوفي به (١)، فلا يُجابُ إِلَّا بأنَّ الحُكم إِلزام، والفُتيا إِخبار (٢). فيقال: إِن أريدَ الِإلزام الحِسيُّ فقد يَعجِزُ الحاكمُ عن الإلزام الحسيُّ من الترسيم والحبسِ وغيرِ ذلك (٣)، ومع ذلك فحُكمُه حُكم، وإِلزامُه الحِسيُّ ليس حُكمًا، وإِن أُريد أنَّه يُخبِرُ عن حُكم الله أنَّه إِلزام، فالفُتيا كذلك.
_________
(١) أي يكثُرُ السؤالُ عن حقيقة الحكم الذي لا يُنقَض بقصد الجواب عنه بعبارة تُوفي ببيانه وضبطه.
(٢) وعلى هذا يقال: القاضي مُجْبِر، والمفتي مُخْبِر. فاحفظه فإنه ينفعك.
(٣) في "القاموس": رسَمَ له كذا: أمَرَه به، فارتسم أي امتثل. وفي "مجموع فتاوى ابن تيمية" ٣٥: ٣٩٩ الترسيمُ هو أن يُعوَّقَ الشَّخصُ بمكان من الأمكنة أو يُقامَ عليه حافظ". ومثلُه في "التراتيب الِإدارية" لعبد الحي الكتاني ١: ٢٩٥ عن "الأحكام السلطانية" للماوردي.
ولم أره فيه في النسخة المطبوعة بمطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة ١٣٨٠. وواضح أن الترسيم غيرُ الحبس الذي يُعبِّرون عنه في بعض كتب الفقه بالإعتقال، كما تراه في "جواهر العقود، ومُعين القضاة والموقعين والشهود" لشمس الدين الأسيوطي الشَّافعي من تلامذة الحافظ ابن حجر ٢: ٣٧٧، قال - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى -: "وصُورَةُ ما يَكتبُ القاضي على ورقة الاعتقال: (لِيعتَقَل)، بقلمِ العَلاَمَة في وَسَطِ الطُّرَّة، فإن كان صاحبُ الحق يختارُ الترسيمَ واتفَقَا عليه، أو رأى القاضي الترسيمَ دون الحبس، فيَكتُبُ: ليُرَسَّم عليه بقلم العَلاَمَة من غير (لِيُعتَقَل). ". انتهى.
وللحَبْس المشروع أنواع متعددة، أجاد بيانَها وتفصيلَها الكتابُ الجامع الماتع النفيس "أحكامُ السجنَ ومعاملةِ السجناء في الِإسلام" لإبن أخي الشيخ الدكتور حسن أبو غدة، ذَكَرَ فيه بالتفصيل والأمثلة: حبسَ التعزير، وحبسَ الإستيثاق، وأقسامَه، وحبسَ الاحتراز، والحبسَ لتنفيذ عقوبة مؤجلة بسبب، كمرض الجاني، أو حَمْلِ الزانية، أو غيرِ ذلك. فليَنظُر منه من يهمه هذا في ص ٧١ - ١١٧، فهو كافٍ شاف في بابه في نحو ٧٠٠ صفحة.
1 / 31