Afrika: Kıtanın Unsurları Üzerine Bir Çalışma
أفريقيا: دراسة لمقومات القارة
Türler
ويمر التاريخ سريعا وتنزوي أفريقيا وتصبح شيئا فشيئا على هامش قلب العالم الحضاري إلا من أطرافها الشمالية، ويسود الانعزال تدريجيا ومعه تركد حياة أفريقيا وتصبح أجزاؤها الرئيسية عالما مظلما يلفه الغموض وتسوده البدائية، ورويدا رويدا ومع اتساع الآفاق العالمية والأطماح الأوروبية تنكشف الأستار عن أفريقيا، ثم تنجذب بشدة إلى عالم اليوم، فتتأثر بما يدور حولها من أحداث، وتنفض عنها غبار تأخر الأمس. واليوم لم تعد أفريقيا تستقبل أحداث العالم فحسب، بل أصبحت من أهم مراكز الأحداث؛ لما يدور في أعماقها من حالات متضاربة من الغليان والفوران والفوضى والاضطراب والرغبة في التماسك والتيارات السياسية العاتية.
إن صراع أفريقيا اليوم - ليس من أجل التحرر فقط، بل ومن أجل نشوء الكينونة الأفريقية - قد جذب إليه العالم والكتل السياسية المتصارعة بدلا من انجذاب أفريقيا إلى تلك الأحداث.
هذه القارة رغم أنها كانت قلب العالم، وربما موطن الإنسان العاقل في الماضي، ورغم أنها استرخت في إغفاءة طويلة، قد عادت إلى عالم اليوم قارة جديدة كل الجدة. إنها ليست الشرق وليست الغرب، ولكنها تقف على باب كل منهما وتمسك بيدها وبموقعها زمام الطرق بين المحيط الهندي والمحيط الأطلنطلي، بين آسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا؛ على السفن أن تخترق مياهها، وعلى الطائرات أن تحلق في أجوائها، ويمكن للقذائف الصاروخية أن تنطلق منها في جميع الاتجاهات لتصيب أهدافها المقصودة في دول الكتل الشيوعية والغربية على السواء، وفضلا عن استراتيجية الموقع الأفريقي فهناك ما فيها من ثروة معدنية وزراعية، تجعل من القارة أمل العالم في إنقاذه من الجوع.
لقد عادت أفريقيا للعالم، هذه الحقيقة إن لم تكن قد استوعبتها عقولنا اليوم، فهي على الأقل قد أصبحت على هامش الوعي العالمي، وفي المستقبل القريب سوف تسطع فجأة كما تسطع الشمس في كبد السماء.
ودراستنا لأفريقيا - رغم ما لها من طابع أكاديمي وعملي - ما هي إلا محاولة لفهم حقيقة أفريقيا الجديدة ومركزها العالمي.
المؤلفان
بيروت في يوليو 1966
مقدمة الطبعة الثانية
مرت سبع سنوات منذ ظهور الطبعة الأولى، وفي خلال تلك الفترة حدثت تطورات وتغيرات كثيرة في القارة الأفريقية؛ لأنها تتكون من مجموعة من الدول الحديثة في شتى مجالات الحياة السياسية والسكانية والاقتصادية، ومن الصعب تقسيم كل ما يجد في القارة؛ إذ إن الأمر يستلزم فترة زمنية طويلة نسبيا لكي تستقر الأحوال العامة والخاصة في الدول حول معدلات معينة في مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والنمو السكاني؛ ولذلك فإن غالبية ما تغير من الأرقام بالقياس إلى الطبعة الأولى يجب أن يؤخذ على أنه مجرد مؤشر في طريق التغير نحو الاستقرار. ونود أن يأخذ القارئ في الاعتبار بعض التغيرات الأساسية في المجال السياسي والإداري على النحو التالي: (1)
حصلت محمية بتشوانالاند على استقلالها من بريطانيا في سبتمبر (أيلول) 1966، وتغير اسمها إلى دولة بوتسوانا، وقد بنيت عاصمة جديدة للدولة باسم «جابرونيز»، ويتسم موقف دولة بوتسوانا بحساسية وحرج شديدين في حياتها السياسية والاقتصادية؛ لوقوعها جغرافيا بين دولتين عنصريتين تحكمهما أقلية أوروبية هما: جنوب أفريقيا التي تحف ببوتسوانا من الشرق والجنوب والغرب، وروديسيا - زمبابوي كما تسميها الحركة الوطنية الأفريقية - من الشمال الشرقي. ونظام الحكم في بوتسوانا جمهوري برلماني. (2)
Bilinmeyen sayfa