واتفق أهل القولين على أن كونه مدركا صفة مقتضاة عن كونه حيا وأن القدم كيفية لوجوده تعالى والكيفية ثبوت الوجود في الأزل وأما سميع بصير فهي راجعة إلى كونه حيا لا آفة به عندهم،قال الشيخ محمود: ولم يكن للمشائخ المتقدمين كلام في ذلك حتى جاء الشيخ أبو هاشم.قال واعلم أن الشيخ أبا هاشم وأصحابه هم المثبتون للأحوال فيثبتون لله تعالى حالة بكونه قادرا وحالة بكونه عالما وحالة بكونه حيا وبكونه موجودا ومريدا وكارها،ويثبتون له تعالى حالة ذاتية غير هذه الأحوال في الشاهد للحي القادر العالم المريد الكاره منا،ويثبتون له تعالى حالة ذاتية غير هذه الأحوال (توجب هذه الأحوال) إلا كونه مريدا أوكارها فإنهما تجبان لوجود إرادة وكراهة لا في محل، والشيخ أبو القاسم وأبو علي وأصحابهما وشيوخ بغداد ينفون الأحوال وغيرهم من الشيوخ المتقدمين لم يجر لهم قول في إثبات الأحوال ونفيها،قالوا والجهات التي تستحق منها هذه الصفات أربع.وبيانه أن الذوات ثلاث لا رابعة لها وهي ذات الباري سبحانه وذات المتحيز وذات العرض ،وجهات الصفات أربع لا خامس لها يستحق من جهة الذات وهي الذاتية، ومن جهة الاقتضاء المقتضاة ، ومن جهة المعنى المعنوية، ومن جهة الفاعل التي بالفاعل. فالباري تعالى يستحق الصفات من جهة الذات وهي الصفة الأخص ومن جهة الاقتضاء وهي الصفات الخمس كونه قادرا وعالما وحيا وموجودا ومدركا، ويستحق من جهة المعنى كونه مريدا وكارها، وسيأتي بطلان ما قالوا في مريد وكاره في مسألة الإرادة إنشاء الله تعالى، قالوا: ولا يستحق صفة بالفاعل أصلا لأنه قديم لا فاعل له، ويستحق العرض من ثلاث جهات وهي الذاتية والمقتضاة والتي بالفاعل ولا يستحق صفة معنوية أصلا لأن المعنى لا يوجب المعنى لعدم الاختصاص الذي هو شرط في الإيجاب، (وأما) المتحيز فيستحق من الجهات الأربع أجمع من جهة الذات الجوهرية، ومن المقتضاة التحيز ومن المعنى الكائنية، وغيرها ومن جهة الفاعل الوجود، قالوا: فصفات الباري تنقسم إلى قسمين جائزة وواجبة، فالجائزة كونه مريدا وكارها، والواجبة على ضربين، ذاتية وهي الصفة الأخص ومقتضاة وهي مقتضاة من جهتين مقتضاة عن الذاتية ومقتضاة عن المقتضاة، فالأولى كونه قادرا عالما حيا وموجودا فهي مقتضاة عن الصفة الأخص،والثانية كونه مدركا فإنها مقتضاة عن كونه حيا وكونه حيا مقتضاة عن الصفة الأخص.
Sayfa 76