قلت:في إطلاق أهل العدل نظر.ثم اختلف هذا الفريق فالذي عليه أبو علي وأبو الحسين الخياط وأبو القاسم البلخي قال الدواري: وأبو الهذيل وغيرهم أن الله تعالى يستحق صفاته الأربع كونه قادرا عالما حيا موجودا لذاته من غير توسط صفة بينهما وبين ذاته تعالى كسائر الصفات المستحقة للذات،فأهل هذه المقالة لا يثبتون الصفة الأخص وسيجيء تحقيقها عند أهل القول بها وربما لقب هؤلاء بالعلية لأنهم يقولون أن ذات الباري علة موجبة لصفاته وتأثيرها تأثير العلة عندهم،وذهب أبو هاشم والقاضي وتلامذتهما وعول عليه بعض متأخري أئمتنا كالمهدي عليه السلام وغيره إلى أن الله تعالى يستحقها لصفته الأخص وأنها مقتضاة عنها ،وأهل هذا القول يثبتون الصفة الأخص،وقد حكى ناس من متأخري أصحابنا عن القاسم القول بها وزعموا أنه صرح بذلك حيث قال لله صفة لا يشاركه فيها مشارك ولا يملكها عليه مالك ،قالوا: وهو أيضا قول الهادي (عليه السلام) والناصر (عليه السلام) وغيرهما.
قلت:أصولهم وصرائح أقوالهم تأبى ذلك وسنلقيها إليك إنشاء الله تعالى فلا يرعك ما حكاه المتأخرون، ثبتنا الله وإياك وجعلنا من متبعي كبراء آل محمد صلى الله عليه وعليهم أجمعين.وحقيقة الصفة الأخص عند القائلين بها هي الصفة الواجبة لله تعالى التي لا يستحقها عينا ولا جنسا ولا نوعا إلا هو، وإن شئت قلت هي الصفة الواجبة المقتضية لصفات أربع ، وإن شئت قلت هي الصفات الواجبة التي لا يستحق جنسها وقبيلها إلا ذات واحدة وهي ذات الله وربما لقب هؤلاء بالمقتضية لقولهم بالمقتضى وهي الصفة الأخص،والفرق بينه وبين العلة أنها ذات عندهم موجبة لصفة أو حكم والمقتضى ليس بذات ومن شرطهما أن لا يتقدما على ما أثرا فيه وجودا بل رتبة،ومن شرط الذي أثرا فيه أن لا يتخلف عنهما،وقد عرفت ما قدمنا من إبطال القول بتأثير الإيجاب.
Sayfa 74