ويحكى عن «أردشير الملك «٦»» ما ترجمته: «القتل أنفى للقتل»، ففي كلام الله تعالى كل ما فى كلام أردشير الملك، وفيه زيادة معان حسنه:
فمنها: إبانة العدل بذكر القصاص، والإفصاح عن الغرض المطلوب فيه من الحياة، والحث بالرغبة والرهبة على تنفيذ حكم الله به، والجمع بين ذكر القصاص والحياة، والبعد عن التكرير الذي يشق على النفس، فإن قوله: «القتل أنفى للقتل» تكرير، غيره أبلغ منه!.
(١٢)
ومن ذلك قوله- عز ذكره- في إخوة يوسف: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا
[يوسف: ٨٠]، وهذه صفة اعتزالهم لجميع الناس، وتقليبهم الآراء ظهرًا لبطن «٧»، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث، فتضمنت تلك الكلمات القصيرة معاني القصة الطويلة.
(١٣)
ومن ذلك قوله- جلت عظمته: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ
[الأنفال: ٥٨]، فلو أراد أحد الأعيان الإعلام في البلاغة أن يعبر عنه، لم يستطع أن يأتي بهذه الألفاظ مؤدية عن المعنى الذي يتضمنها حتى يبسط مجموعها، ويصل مقطوعها، ويظهر مستورها، فيقول:
إن كان بينكم وبين قوم «هدنة»، وعهد، فخفت منهم خيانة، أو نقضًا، فاعلمهم أنك نقضت ما شرطت لهم، وآذنهم «٨» بالحرب، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء.
1 / 18