تقدمة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
جاء فى «قانون البلاغة» لأبى طاهر البغدادى:
سألت- أطال الله مدتك، وأدام نعمتك، وحرس دولتك- عن «البلاغة» ! و«البلاغة» ليست ألفاظا فقط، ولا معانى فحسب، بل هى ألفاظ يعبّر بها عن معان! ولكن ليس هذا كما اتفق، ولا كيفما وقع، لأن ذلك لو جرى «هذا المجرى» لكان أكثر الناس بليغا، إذ كان أكثرهم يؤدى عن المعانى التى يولدها بألفاظ تدل عليها! لكنهم يخرجون عن طريق البلاغة، ومنهاج الكتابة من وجهين:
أحدهما: أن تكون الألفاظ مستكرهة، مستوخمة، غير مرصوفة، ولا منتظمة! والثانى: أن تكون كثيرة يغنى بعضها عن بعض، ويمكن أن يعبّر عن المعنى الدال بأقلّ منها» .
وإذا كانت هناك مواقف يحتاج فيها إلى إشباع المعنى، وتوكيده، وتكريره، حيث يحتاج البليغ إلى الإطالة والإسهاب، فإن هناك مواقف يحتاج فيها إلى الاختصار والإيجاز! هذا، وأكثر ما عليه الناس فى «البلاغة» أنها: «الاختصار، وتقريب المعنى بالألفاظ القصار» وقد سئل بعضهم عن البلاغة فقال:
«هى لمحة دالّة!» .
وهذا مذهب العرب، وعادتهم فى العبارة، فإنهم يشيرون إلى المعانى بأوحى «١» إشارة! ويستحبون أن تكون الألفاظ أقلّ من المعانى فى المقدار والكثرة.
1 / 5
ويحكى عن جعفر البرمكى أنه قال: «إذا كان الإيجاز كافيا كان التطويل عيّا» «١» .
«وإذا كان التطويل واجبا كان التقصير عجزا» .
وقال ابن الأعرابى: قال لى المفضّل:
قلت لأعرابى: ما البلاغة؟ فقال:
الإيجاز من غير عجز، والإطناب من غير خطل «٢» ! ونحن نعيش فى عصر مازلنا نسمع أنه «عصر السرعة» يقصر فيه الوقت مهما يكن طويلا عما نحتاج إلى أن ننهض به من الأعباء التى لم تكثر، ولم تثقل على الناس فى عصر من العصور كما تكثر، وتثقل، وتتنوع، وتزدحم فى هذه الأيام التى صارت فيها الواجبات أكثر من الأوقات! وهذا كله يحملنا على أن نؤثر «الإيجاز» على «الإطناب»، ونقصد إلى ما يلائم وقتنا القصير، وعملنا الكثير فى هذه اللحظات التى يتاح لنا ولأبنائنا فيها شىء من الفراغ للاستمتاع بلذات الأدب الخالص، والفن الرفيع، مما «قل ودلّ ولم يملّ!» .
ألا وإن على رأس تلك النماذج المفضلة ما تضمنه كتاب أبى منصور الثعالبى: «الإعجاز والإيجاز» من روائع النثر والنظم! فلقد جمع فى أبوابه العشرة ما وقع عليه اختياره من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية التى سلط الضوء فيها على جوامع الكلم، ثم انتقل إلى روائع ملوك الإسلام، ونفائس الكتّاب والبلغاء، وطرائف الفلاسفة والحكماء، وملح ونوادر الظّرفاء، حتى الثلث الأول من القرن الخامس الهجرى.
وجاء الباب العاشر مسك الختام يضم قلائد الشعراء، ودررهم.
مما لا غنى عنه لدارسى الأدب، ومحبى الشعر، والباحثين عن
1 / 6
الحكمة من الطلبة والمدرسين، والمتحدثين، والخطباء، مما يصعب على الباحث أن يوفّق إلى جمعه، ولمّ شمله، فى عصر صارف عن الرجوع إلى الأمّهات والدواوين! هذا ولقد شجعنا على المضى فى استكمال «مكتبة الثعالبى» ذلك الإقبال على ما تم إصداره منها من الكتب الآتية:
١- لطائف المعارف. ٢- أحسن ما سمعت.
٣- درر الحكم. ٤- الكناية والتعريض.
٥- فقه اللغة وسر العربية.
وها هو ذا «الإعجاز والإيجاز» نرجو أن ينال حسن القبول والله أكرم مسئول.
محمّد إبراهيم سليم القاهرة فى أول شعبان ١٤١٩ هـ.
نوفمبر ١٩٩٨ م
1 / 7
هذا الكتاب «إعجاز الإيجاز»
هكذا سماه صاحب كشف الظنون فقال: «إعجاز الإيجاز» - للشيخ أبى منصور عبد الملك بن محمد الثعالبى المتوفّى سنة ثلاثين وأربعمائة.
«ومختصره» للإمام «فخر الدين بن عمر الرازى» المتوفى سنة ست وستمائة.
أما «كارل بروكلمان» فى موسوعته الأدبية: تاريخ الأدب العربى:
(ج ٥/١٩٥ برقم ٢٨) وقد ذكره تحت عنوان: «إيجاز الإعجاز» فقدم وأخر على طريق الإضافة لا العطف! ثم قال: ويسمى كذلك: «الإيجاز والإعجاز» بعطف أحدهما على الآخر.
وهكذا أصبح لدينا ثلاثة عناوين:
١- إعجاز الإيجاز. ٢- إيجاز الإعجاز. ٣- الإيجاز والإعجاز.
لكن من يرجع إلى تسمية الكتاب يوم أن طبع فى أول: «مجموعة خمس رسائل» بمطبعة الجوائب بالآستانة سنة ١٣٠١ هـ ويوم أن نشره اسكندر آصف فى طبعته الأولى منفردا بالقاهرة سنة ١٨٩٧ م- يجد أنه قد حمل عنوانا رابعا هو:
«الإعجاز والإيجاز» .
وقد أشار إلى هذه التسمية العلامة الزركلى فى «الأعلام» نظرا إلى أن هذه التسمية هى التي رافقت الطبعة الأولى المنقولة عن نسخة خطية بخط «جمال» سبط الشيخ صفى ابن أبى منصور، وكتبت سنة
1 / 8
٤٢٢ هـ، وعثر عليها فى المكتبة الخديوية! وقد آثرنا هذه التسمية اعتمادا على ما جاء فى صدر الباب الأول من قول المؤلف:
«من أراد أن يعرف جوامع الكلم، ويتنبه على فضل «الإعجاز والاختصار» ويحيط ببلاغة الإيماء، ويفطن لكفاية الإيجاز: فليتدبر القرآن! فقد قدم الإعجاز على الإيجاز الذى هو الاختصار، وعطف أحدهما على الآخر.
وإن كنت أميل إلى ذلك العنوان الذى أشار إليه صاحب كشف الظنون ألا وهو:
«إعجاز الإيجاز» ويؤيدنى فى هذا أن الإمام الشيخ محمد عبده كتب رسالة أطال فيها وأطنب وأسهب، واعتذر فى آخرها عن الإطالة لأنه لم يكن لديه وقت لكى يوجز! فلاشك أن للإيجاز إعجازا ليس فى متناول الجميع! ولكنى أحببت أن يظل للكتاب عنوانه الذى عرف به يوم أن طبع للمرة الأولى، حتى لا يخيل للبعض أنه كتاب جديد غير ذلك الذى يعرفه الجميع باسم «إعجاز الإيجاز» .
وإذا كان الإمام «فخر الدين الرازى» قد اختصره- كما جاء فى كشف الظنون- فقد حرصت على أن أقدمه كاملا غير منقوص إلا من تلك الأبيات التى تصف «مجالس الشرب واللهو» - فما كان ينبغى لنا أن نمر عليها مر الكرام، وهى فى معية تلك النماذج العليا من القرآن الكريم، وجوامع الكلم من الحديث الشريف، وقلائد الشعر، ودرر الحكم! لم يكن بد من تهذيب الكتاب وتنقيته من تلك المختارات التى تناولت «مجالس الشرب واللهو والغزل غير العفيف» حرصا منى على أن يظل
1 / 9
للفطرة السليمة نقاؤها، وللنفوس البريئة صفاؤها وطهرها! وليس هذا العمل بدعا، ولا من الممنوع شرعا، كما قال الإمام «محمد عبده» فى مقدمة «مقامات بديع الزمان الهمذانى»، فقد جرت سنة العلماء بالتهذيب والتمحيص، والتنقيح، والتلخيص، وليس من منكر عليهم فى شىء من ذلك! ولا شك أن لكل زمان مقال، ولكل خيال مجال! وأبناؤنا الناشئون فى حاجة إلى تلك النماذج العليا التى تنفعهم وتدفعهم إلى الكمال، وتصفى نفوسهم، وترقق مشاعرهم، وتسمو بأرواحهم! ١ ومهما يكن من شىء فإن الثعالبى الذى اختار له التعليم مهنة، وفضلها على «صناعة فراء الثعالب» قد أجاد الاختيار وقدمه لنا ولأبنائنا فى عشرة أبواب تضمنت النثر المشتمل على سحر البيان، والشعر المحاكى قطع الجمان «١» ! وما ظنك بمن لقّب بجاحظ زمانه، وجمع فى «يتيمته» من روائع الشعر حتى منتصف القرن الرابع الهجرى ما جعله بحق شاهدا على عصره! وصدق عليه قول ابن خلّكان فى وفيات الأعيان: «جامع أشتات النثر والنظم» .
لقد شهد أبو منصور العصر الثالث العباسى الذى نهض فيه الأدب فى ظل «الدّويلات»، فى العراق، وفارس، وخراسان، على يد «البويهيين»، كما نهض فى تركستان على يد «السّامانيين»، فى بخارى، ونيسابور، مسقط رأس أبى منصور! وها هو ذا كتابه يشهد له بالسبق والتفوق.
أرجو الله أن يمنحنى القدرة على استكمال إحياء مكتبته، وألا يحرمنى مثوبة هذا العمل عنده فهو ولى الإجابة، وإليه الإنابة.
1 / 10
أبو منصور فى سطور
عاش أبو منصور ثمانين سنة قدم فيها ما يقرب من ثمانين مؤلفا، فقد ولد فى نيسابور (٣٥٠ هـ- ٩٦١ م) .
وفيها كانت وفاته (٤٢٩- ١٠٣٨ م) .
مصنفاته فى العلم والأدب تشهد له بأعلى الرتب.
فتح عينيه على أقدم المدارس الإسلامية فى مدينته، تلك التى كان يشرف عليها جمهرة من النابغين فحببوا إليه أن يكون معلما، فراح يمتص الأفكار من كل نبع ليقدمها سائغة لمتذوقى الأدب.
آثر مهنة التعليم على صناعة فراء الثعالب التى نسب إليها، فكان له شأن، وتجلى للجميع فضله.
ضمه السلطان «نوح بن منصور» أحد ملوك الدولة السامانية إلى مجلسه، وقربه إليه مع كبار العلماء.
لقب بجاحظ زمانه، وتجلى نشاطه فى الجمع الذى يتراءى فيه الشكل السهل الطريف، والاختيار الحسن الجميل، فكان بحق- كما قيل- جامع أشتات النثر والنظم. ومصنفاته فى الأدب تشهد له بأعلى الرتب!
1 / 11
بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدّمة المؤلف
أما بعد حمد الله على آلائه، والصلاة والسلام على محمد المصطفى وآله وصحبه وسلم.
فإن القاضى الجليل- أطال الله بقاءه- وإن كان في الأدب فرد الدهر، وبدر الصّدر، وواسطة العقد- فلابدّ لي- مع مودته التي تتصل مدتها، ولا تنقطع مادتها، وموالاته التي وقفت عليها أخيرًا نفسى، وأسكنتها السوادين: من عيني وقلبي، وأياديه، ومننه التي وسمت عنقي، وملكت رقي- من إقامة رسم خدمته، بتأليف ما أشرف باسمه من كتاب، عهدي بأمثاله يستبدع، ويستحسن، ويعد من أنفس ما تشح عليه الأنفس! وإن كنت في ذلك كمن يهدي إلى الشمس نورًا، أو يزيد في البحر نهرًا، ولكن ما على الناصح إلا جهده.
وقد ثنيت كتاب اللطيف في الطيب الذي كنت خدمت بتأليفه مجلسه- حرسه الله، وآنسه- بكتاب في الكلمات القليلة الألفاظ، الكثيرة المعاني، المستوفية أقسام الحسن والإيجاز الخارجة عن حد الإعجاب إلى الإعجاز..
في النثر المشتمل على سحر البيان! والنظم المحاكى قطع الجمان «١» .
وأخرجته في «عشرة أبواب» .
فالباب الأول: في بعض ما نطق به القرآن الكريم من الكلام الموجز المعجز! (من ص ١٣ إلى ص ١٧) .
1 / 13
والباب الثاني: في جوامع الكلام عن النبي ﷺ.
(من ص ١٨ إلى ص ٣٠) .
والباب الثالث: فيما صدر منها عن الخلفاء الراشدين، والصحابة، والتابعين.
(من ص ٣١ إلى ص ٤٧) .
والباب الرابع: فيما نقل عن ملوك الجاهلية.
(من ص ٤٨ إلى ص ٧٠) .
والباب الخامس: فى روائع ملوك الإسلام وأمرائه.
(من ص ٧١ إلى ص ٩٤) .
والباب السادس: فى لطائف كلام الوزراء.
(من ص ٩٥ إلى ص ١٠٧) .
والباب السابع: في بدائع كلام الكتاب والبلغاء.
(من ص ١٠٨ إلى ١١٧) .
والباب الثامن: فى ظرائف الفلاسفة، والزهاد، والحكماء، والعلماء.
(من ص ١١٨ إلى ص ١٢٢) .
والباب التاسع: فى ملح الظرفاء ونوادرهم.
(من ص ١٢٣ إلى ص ١٢٦) .
والباب العاشر: فى وسائط «٢» قلائد الشعراء.
(من ص ١٢٧ إلى ص ٢٢١) .
والله تعالى أسأل أن يبارك فيه، ويجزل من نعمه وعوارفه «٣» حظه.
وهذا حين سياقة الأبواب، والله الموفق للصواب.
أبو منصور الثعالبى
1 / 14
الباب الأول في بعض ما نطق به القرآن من الكلام الموجز المعجز
من أراد أن يعرف جوامع الكلم «١» ، ويتنبه على فضل الإعجاز والاختصار، ويحيط ببلاغة الإيماء «٢» ، ويفطن لكفاية الإيجاز، فليتدبر القرآن، وليتأمل علوه على سائر الكلام:
(١)
فمن ذلك قوله- عزّ ذكره-: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا
[فصلت: ٣٠] «استقاموا» كلمة واحدة تفصح عن الطاعات كلها في الائتمار «٣» والانزجار.
وذلك لو أن إنسانًا أطاع الله- سبحانه- مئة سنة، ثم سرق حبة واحدة، لخرج بسرقتها عن حد الاستقامة!
(٢)
ومن ذلك قوله- ﷿ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ
[يونس: ٦٢]، فقد أدرج فيه ذكر إقبال كل محبوب عليهم، وزوال كل مكروه عنهم.
ولا شيء أضر بالإنسان من الحزن والخوف، لأن «الحزن» يتولّد من مكروه ماض أو حاضر، و«الخوف» يتولد من مكروه مستقبل، فإذا اجتمعا على امرئ لم ينتفع بعيشه، بل يتبرم بحياته.
والحزن والخوف، أقوى أسباب مرض النفس، كما أن السرور والأمن أقوى أسباب صحتها! فالحزن والخوف موضوعان بإزاء كل محنة وبليّة!
1 / 15
والسرور والأمن موضوعان بإزاء كل صحة ونعمة هنيّة!
(٣)
ومن ذلك قوله- عز اسمه- لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ
[الأنعام: ٨٢]، فالأمن كلمة واحدة، تنبئ عن خلوص سرورهم من الشوائب كلها، لأن الأمن: إنما هو السلامة من الخوف، والحزن، المكروه الأعظم كما تقدم ذكره.
فإذا نالوا الأمن بالإطلاق، ارتفع الخوف عنهم، وارتفع بارتفاعه المكروه، وحصل السرور المحبوب!
(٤)
ومن ذلك قوله- تعالى ذكره: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
[المائدة: ١]، فهما كلمتان جمعتا ما عقده الله على خلقه لنفسه، وتعاقده الناس فيما بينهم.
(٥)
ومن ذلك قوله سبحانه: وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ
[الزخرف: ٧١]، فلم يبق مقترح لأحد إلا قد تضمنته هاتان الكلمتان، مع ما فيهما من القرب، وشرف اللفظ، وحسن الرونق «٤» .
(٦)
ومن ذلك قوله ﷿: وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ
[البقرة: ١٦٤]، فهذه الكلمات الثلاث الأخيرة تجمع من أصناف التجارات، وأنواع المرافق في ركوب السفن ما لا يبلغه الإحصاء.
(٧)
ومن ذلك قوله- ﷻ: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ
[الحجر: ٩٤]،
1 / 16
ثلاث كلمات اشتملت على شرائط الرسالة، وشرائعها، وأحكامها، وحلالها، وحرامها.
(٨)
ومن ذلك قوله- جل ثناؤه- في «وصف خمر الجنة»: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ
[الواقعة: ١٩] ، فهاتان الكلمتان قد أتتا على جميع معايب الخمر.
ولما كان منها ذهاب العقل، وحدوث الصداع برأ الله «خمر الجنة» منها، وأثبت طيب النفس، وقوة الطبع، وحصول الفرح.
(٩)
ومن ذلك قوله- تبارك اسمه: لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ
[المائدة: ٦٦]، وهو كلام يجمع جميع ما يأكله الناس، مما تنبته الأرض «٥» .
(١٠)
ومن ذلك قوله- عز وعلا: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَ
[البقرة:
٢٢٨]، وهو كلام يتضمن جميع ما يجب على الرجال من حسن معاشرة النساء، وصيانتهن، وإزاحة عللهن، وبلوغ كل مبلغ فيما يؤدي إلى مصالحهن، ومناجحهن، وجميع ما يجب على النساء من طاعة الأزواج، وحسن مشاركتهم، وطلب مرضاتهم، وحفظ غيبتهم، وصيانتهم عن خيانتهم.
(١١)
ومن ذلك قوله ﵎: وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ
[البقرة: ١٧٩] .
1 / 17
ويحكى عن «أردشير الملك «٦»» ما ترجمته: «القتل أنفى للقتل»، ففي كلام الله تعالى كل ما فى كلام أردشير الملك، وفيه زيادة معان حسنه:
فمنها: إبانة العدل بذكر القصاص، والإفصاح عن الغرض المطلوب فيه من الحياة، والحث بالرغبة والرهبة على تنفيذ حكم الله به، والجمع بين ذكر القصاص والحياة، والبعد عن التكرير الذي يشق على النفس، فإن قوله: «القتل أنفى للقتل» تكرير، غيره أبلغ منه!.
(١٢)
ومن ذلك قوله- عز ذكره- في إخوة يوسف: فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا
[يوسف: ٨٠]، وهذه صفة اعتزالهم لجميع الناس، وتقليبهم الآراء ظهرًا لبطن «٧»، وأخذهم في تزوير ما يلقون به أباهم عند عودهم إليه، وما يوردون عليه من ذكر الحادث، فتضمنت تلك الكلمات القصيرة معاني القصة الطويلة.
(١٣)
ومن ذلك قوله- جلت عظمته: وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ
[الأنفال: ٥٨]، فلو أراد أحد الأعيان الإعلام في البلاغة أن يعبر عنه، لم يستطع أن يأتي بهذه الألفاظ مؤدية عن المعنى الذي يتضمنها حتى يبسط مجموعها، ويصل مقطوعها، ويظهر مستورها، فيقول:
إن كان بينكم وبين قوم «هدنة»، وعهد، فخفت منهم خيانة، أو نقضًا، فاعلمهم أنك نقضت ما شرطت لهم، وآذنهم «٨» بالحرب، لتكون أنت وهم في العلم بالنقض على سواء.
1 / 18
فصل فيما يجري مجرى المثل من ألفاظ القرآن
ويجمع الإعجاب، والإعجاز، والإيجاز:
١- وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ
[فاطر: ٤٣] .
٢- إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ
[يونس: ٢٣] .
٣- كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
[المدثر: ٣٨] .
٤- كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ
[الرحمن: ٢٦] .
٥- كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ
[آل عمران: ١٨٥] .
٦- لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ
«٩» [الأنعام: ٦٧] .
٧- قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ
[الإسراء: ٨٤] .
٨- يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ
[يوسف: ٨٤] .
٩- وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا
[القصص: ٧٧] .
١٠- تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى
[الحشر: ١٤] .
١١- فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ
«١٠» [الكهف: ١١] .
١٢- أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نارًا
[نوح: ٢٥] .
١٣- وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى
«١١» [الأنعام: ١٦٤] .
١٤- كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ
[الروم: ٣٢] .
١٥- يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ
[المنافقون: ٤] .
١٦- وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا
[الكهف: ١٠٤] .
1 / 19
الباب الثاني في جوامع الكلم عن النبي «١» ﷺ
١- «٢» «إياكم وخضراء الدمن» .
٢- «٣» «لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين» .
٣- «٤» «إن المنبتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى» .
٤- «٥» «لا ترفع عصاك عن أهلك» .
1 / 20
فصل فى جوامع تشبيهاته، وتمثيلاته ﷺ
١- «١» «الناس كإبل مئة لا تجد فيها راحلة» .
٢- «٢» «المؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضًا» .
٣- «٣» «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» .
٤- «٤» «مثل أصحابى كالملح لا يصلح الطعام إلا به» .
٥- «٥» «أمتي كالمطر لا يدري أوله خير، أم آخره، أينما وقع نفع» .
٦- «٦» «عمالكم أعمالكم، وكما تكونوا يولى عليكم» .
٧- «٧» «الدال على الخير كفاعله»
1 / 21
٨- «٨» «وعد المؤمن كأخذ باليد» .
٩- «٩» «إن للقلوب صدا كصدأ الحديد، وجلاؤها الاستغفار» .
١٠- «١٠» ولما كتب عقد المهادنة بينه وبين سهيل بن عمرو قال:
«إن العقد بيننا كشرج العيبة إذا انحل بعضه انحل جميعه» .
فصل في استعاراته ﵌
١- «١» «جنة الرجل داره» .
٢- «٢» «نعم الختن القبر» .
٣- «٣» «المؤمن مرآة أخيه» .
٤- «٤» «دفن البنات من المكرمات» .
1 / 22
٥- «٥» «من كنوز البر كتمان الصدقة والمرض والمصيبة» .
٦- «٦» «داووا مرضاكم بالصدقة» .
٧- «٧» «حصنوا أموالكم بالزكاة» .
٨- «٨» «صدقة السر تطفئ غضب الرب» .
٩- «٩» «قد جدع الحلال أنف الغيرة» .
١٠- «١٠» «الود والعداوة يتوارثان» .
١١- «١١» «العلماء ورثة الأنبياء» .
١٢- «١٢» «إن التوبة تهدم الحوبة» .
١٣- «١٣» «ملعون من هدم بنيان الرّبّ»، يعني من قتل نفسًا.
1 / 23
١٤- «١٤» «الحمى رائد الموت، وسجن الله في الأرض!» .
١٥- «١٥» «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» .
١٦- «١٦» «تمسحوا بالأرض، فإنها بكم برة» .
١٧- «١٧» «من ضحك ضحكة مج من العقل مجة» .
١٨- «١٨» «اتقوا دعوة المظلوم فإنها ليّنة الحجاب» .
١٩- «١٩» «الشتاء ربيع المؤمن» .
٢٠- «٢٠» «المؤمن قصر نهاره فصام، وطال ليله فقام» .
٢١- «٢١» «الاستماع إلى الملهوف صدقة» .
٢٢- «٢٢» «الحكمة ضالة المؤمن» .
٢٣- «٢٣» «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله» .
1 / 24
٢٤- «٢٤» «أكثروا ذكر هادم اللذات» . يعني: الموت.
٢٥- «٢٥» «الخمر مفتاح كل شر» .
فصل فيما يروى من مطابقاته ﵊
١- «١» «حفّت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات» .
٢- «٢» «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» .
٣- «٣» «كفى بالسلامة داء» .
٤- «٤» «إن الله يبغض البخيل» .
٥- «٥» «حياة السخي بعد موته» .
٦- «٦» «جبلت القلوب على حب من أحسن إليها، وبغض من أساء إليها»
1 / 25