Sultan'ın Oğlu ve Diğer Hikayeler
ابن السلطان: وقصص أخرى
Türler
هل قلت لكم إنني لم أكره شيئا في الوجود كما كرهت هذه اللوحة؟ إن كلمة الكره لا تكفي. وحتى كلمات الحقد والغيظ والسخط والمقت وكل ما ابتكرته اللغة لتنفس عن براكين الغضب المكبوت في الصدور لا يمكن أن تشفي غلي من هذه الحروف السوداء اللعينة التي كانت أحس بها تلتف حول رقبتي. هل تحبون أن تعرفوا السبب؟ اسمعوا إذن هذه الحكاية وحاولوا أن تعذروني.
كنت في تلك الأيام أحضر لامتحان الشهادة الابتدائية. وكان أبي لا يفتأ يردد: «الابتدائية حصن من حديد، لا يفتحه إلا كل صنديد.» ويقول لي بمناسبة وبغير مناسبة: اصبر يا ولدي، بالصبر تنول، واصبروا وصابروا. وكنت قد اكتشفت أن المذاكرة في حجرة الجلوس - المكان الوحيد البعيد عن ضجيج المطبخ وشخط أبي في أمي وشخط أمي في الخادمة - هي السبيل الوحيد للنجاح وبخاصة إذا جلست أمام لوحة الصبر التي كنت على الرغم من كرهي لها أو ربما بسبب هذا الكره نفسه، أستمد منها مع ذلك المزيد من الصبر على مكاره الحساب ومقالب الجغرافيا وفصول التاريخ. ولكنني سرعان ما اكتشفت أيضا - وكأنني ما كنت من سكان البيت ولا عرفت شيئا عن مخارجه ومداخله - أن نافذة حجرة الجلوس هي أنسب مكان أعاكس منه فوزية - وهي إن لم تكونوا قد علمتم حتى الآن ابنة جارنا عم علي موزع البريد - وأكلمها وتكلمني بوضوح لا مزيد عليه، بل أستطيع إن سمحت الظروف وواتتني الجرأة أن أمد يدي فألمس يدها بل أعضها أيضا إن شئت.
لا أريد أن أطيل عليكم فيما تعرفونه بأنفسكم ولا بد أنكم جربتموه أيضا عندما كنتم مثلي تستعدون للابتدائية؛ فالليالي الطويلة التي كانت أمي تدخر لي فيها ما لذ وطاب ليغذيني ويفتح عقلي ولا يزورها النوم قبل أن تناولني فنجان الشاي الثقيل وتدعو على الكتب والذين كتبوها، وترفع يديها للسماء لكي يوقف الله لي أولاد الحلال، لم أكن في الحقيقة أقضيها عند خط الاستواء، ولا في مراعي الاستبس، ولا مع جيش رمسيس الأكبر، بل ولا حتى في قلعة محمد علي القريبة منا، بل محنيا على الشباك وعيني على نافذة فوزية - والكتاب بين يدي بالطبع على سبيل الاحتياط - حتى تكاد تخرج من محجرها من كثرة التلطع ولهفة الانتظار، فإذا ظهرت وأشارت بيدها الصغيرة مثل كف القطة وعبثت بضفيرتها الطويلة الفاحمة السواد التي طالما كانت تهتز فوق ظهرها فتهز قلبي معها، استغرقنا في حديث هامس طويل لا يشترك فيه - وإن ظل صامتا - سوى القمر، ولا يقطعه سوى نحنحة أبي عندما يأتي إلى البيت، أو طرقات أمي الضعيفة على الباب تسألني إن كنت أريد شيئا أو تطلب مني أن أنام والصباح رباح.
أيام المذاكرة فاتت ولم تدخل كلمة في مخي. الامتحان اقترب ولم أستعد لشيء اللهم إلا للإنشاء العربي. وكيف لا والمنفلوطي كنت أحفظه عن ظهر قلب لينفع في خطاباتي الشفوية والتحريرية إذا لزم الأمر إلى فوزية؟! الامتحان على الأبواب وأنت لا تعرف الألف من كوز الذرة. رقم الجلوس في جيبك وأنت لا تميز أستراليا من أفريقيا، ولا تعرف الفرق بين خوفو والحاكم بأمر الله. الامتحان على الأبواب وأبوك يوصيك بالصبر وأمك ترقيك وتدعو لك طوب الأرض ولا تعرف أن وقعتك سوداء إن شاء الله.
القصد، كانت - بعيدا عنكم - ليلة سوداء، ليلة جاء أبي إلى البيت - لم ندر ما الذي أخره عن العشاء فلم يحضر كما قالت أمي إلا نصف الليل - لا بد أنه أقام الدنيا وأقعدها وزلزل البيت من أركانه قبل أن أفتح عيني فأجده قاعدا على سريري فوق رأسي تماما، عيناه تضجان شررا، وجبهته ملبدة، وتقاطيع وجهه تصرخ بالتقزز والامتعاض. قم يا أفندي شف نمرتك.
وأنا أفرك عيني: أية نمرة؟ ثم وأنا أكتم تثاؤبة كادت تفلت مني حين لمحت الجريدة مبسوطة على السرير: النتيجة ظهرت؟
وهو يضرب كفا بكف: طبعا. عوضنا على الله!
وأمي تهدئه: اعمل معروف يا محمود، الولد يا عيني فزع من النوم!
وهو ينفجر صائحا: نامت عليه حائط! بس شاطر يعاكس بنات الناس.
وهي تحاول أن تهدئه: بنات من يا محمود؟
Bilinmeyen sayfa