الظاهر من كلامه، والمستقيم أيضًا من جهة المعنى- فنية الإقامة فيه لا أثر لها، لأنه لو كان مقيمًا هناك وتيمم لعدم الماء، ثم رآه في أثناء صلاته لم نحكم بإبطالها، فبطريق الأولى هذا، وإن كان سفره يغلب فيه الوجود بطلت صلاته بمجرد رؤية الماء، ولا يتوقف الإبطال على نية الإقامة، لأنها لا تغني عن القضاء، فبطل ما ادعاه. وهذه المسألة حصل فيها ذهول للرافعي كما أوضحناه في «المهمات»، ثم إن المصنف قلده فيه، وادعى أنه قياس المذهب، فزاد الكلام خللا.
قوله: أما إذا كان غسل الصحيح يتأذى به موضع القرح، بأن كان يخاف إن غسل أن يسيل الماء إلى القرح: فإن لم يمكنه أن يمسحه بخرقة رطبة ينغسل الموضع بها ولا يسيل، ولا قدر على من يغسله له من غير سيلان- فإنه يكتفي بالتيمم ويصلي ويعيد. ولو كان لا يتأتى فعل ذلك منه ولا من غيره إلا بضرر يلحقه، كما إذا كان في وجهه جراحات، وهو جنب لا يمكن غسل رأسه إلا بوصول الماء إلى الجراحات- فقد سقط فرض غسل الرأس عنه، قاله أبو الطيب وغيره. انتهى كلامه.
وهو صريح في أن المسح بدون الغسل لا أثر له حتى ينقل إلى التيمم، وليس كذلك، فقد نص الشافعي عليه، وجزم به الأصحاب، كذا قاله في «التحقيق»، وذكر نحوه في «شرح المهذب»، إلا أنه مشكل بالعليل نفسه، فإنه لا يجب مسحه بالماء كما قاله الرافعي، وجزم به النووي في الكتابين المذكورين.
واعلم أن ما ذكره المصنف- أيضًا- في جراحات الوجه مردود، فإن كلام الأصحاب يخالفه، وقد نقله عنهم في «شرح المهذب» فقال: قال أصحابنا: فإن كانت الجراحة على وجهه، فخاف إن غسل رأسه نزول الماء إليها- لم يسقط غسل الرأس، بل يلزمه أن يستلقي على قفاه ويخفض رأسه، فإن خاف انتشار الماء وضع بقرب الجراحة خرقة مبلولة، وتحامل عليها، ليقطر منها ما يغسل الصحيح الملاصق للجرح، فإن لم يمكنه ذلك أمس ما حوالي الجرح الماء من غير إفاضة، وأجزأه، وقد رأيت نص الشافعي في «الأم» نحو هذا. هذه عبارته.
قوله: تنبيه: القرح- بفتح القاف وضمها-: هو الجرح، قاله النووي، وقال غيره: إنه كالجدري، وإن الجرح في الحكم كهو. وعلى هذا ينطبق قول الماوردي: «إذا كان بعض بدنه جريحًا أو قريحًا»، وقول الشيخ: «وتيمم عن الجرح» يجوز الأمرين، فتأمله. انتهى كلامه.
وما ذكره من أن كلام الشيخ محتمل للأمرين ليس كذلك، بل هو صريح فيما نقله
20 / 70