يكن قد علم بها بالكلية، وقد نقله عنه على الصواب جماعة منهم ابن الصباغ والنووي في «شرح المهذب»، ثم إن تقييده- أيضًا- بقوله: أي وكان قد علم ثم نسي، كما أنه لا يستقيم مع هذا النص لا يستقيم- أيضًا- مع كلامه في أثناء المسألة، فاعلمه، فإن فيه تنبيهًا لمن أراد الوقوف عليه.
قوله: ولو تيمم ثم سمع شخصًا يقول: عندي ماء وديعة، فإنه يبطل تيممه في هذه الصورة، لأنه يتعين عليه عند سماع ذكر الماء طلبه، وهو مبطل للتيمم، ولو انتفى وجوب الطلب مع سماع ذلك، مثل أن قال: عندي وديعةً جرة ماء- أي بتقديم الوديعة- لم يبطل. انتهى.
وهذه المسألة الثانية شرطها: أن يعرف غيبة المودع، حتى إذا علم حضوره أو لم يعلم الحال بطل- أيضًا-: أما الأول، فلتوجه الطلب، وأما الثاني، فلاحتمال الحضور المقتضي للطب، كذا جزم به الرافعي في «الشرح» والنووي في «شرح المهذب»، وهو واضح.
قوله: ولا فرق في عدم وجوب القضاء على المتيمم في السفر بين السفر الطويل والقصير، وقد حكي عن نصه في «البويطي»: أن ذلك يختص بالطويل كما في القصير. انتهى كلامه.
وهذا النقل عن «البويطي» ليس بجيد، فإن الذي دل عليه كلامه: أنه لا قضاء مطلقًا، وأما ما نقله عنه المصنف فإنه إنما قاله في تعيين التيمم، ناقلًا- أيضًا- له عن غيره، فقال: وقد قيل: لا يتيمم إلا في سفر تقصر فيه الصلاة. هذه عبارته.
قوله: فرع: إذا تحرم المسافر بالصلاة، ثم نوى الإقامة في أثنائها- فحكمه إذا أتمها حكم المصلي في الحضر، فل رأي الماء قبل نية الإقامة فقياس المذهب: بطلانها، وهذا ما نقله أبو الطيب، وكذا الرافعي. انتهى كلامه.
واعلم أن ما ادعاه من كونه قياس المذهب ذهول عجيب، لأن المصلي بالتيمم في موضع يغلب فيه عدم الماء لا قضاء عليه، مسافرًا كان أو مقيمًا، وفي موضع يغلب فيه الوجود يجب عليه في الحالين، كذا جزم به الرافعي في آخر الباب في الكلام على ما يجب قضاؤه وما لا يجب، قال: وقولهم: إن القضاء يجب على الحاضر دون المسافر، مشوا فيه على الغالب. وذكر المصنف مثله قبل هذا الموضع بنحو ورقة.
إذا علمت ذلك فلنرجع إلى مسألتنا، فنقول: هذا المسافر الذي رأى الماء، ثم نوى الإقامة، وادعى بطلان تيممه لأجل الإقامة-: إن كان سفره يغلب فيه العدم، وهو
20 / 69