ر بالمرأى ولا المسمع
فإن قصارك الدهلي
ز حين سواك في المضجع
فقهقهت ولادة وقالت: حتى والله ولا الدهليز! قل بالله عليك يا أحمد:
فإن قصارك الإصطب
ل حين سواك في المضجع
وجمعت الرسائل، ودعت عبدها رابحا وأمرته أن يسرع بكل رسالة إلى صاحبها.
وبعد قليل أقبل أبو بكر بن ذكوان، وعمار الباجي، وعبد الله بن المكري، فاتسع نطاق الحديث وتعددت طوائفه، فقال ابن ذكوان: لقد تناثر اليوم في قرطبة خبر يهمس به الناس في سخط واستنكار، هو يدور حول المأمون بن ذي النون أمير طليطلة وما تسول له نفسه من الهجوم على قرطبة والاستيلاء عليها.
فقال الباجي: إن القرطبيين لا يبغضون شيئا في الدنيا كما يبغضون البربر، بعد أن شهدوا حكمهم، وولعهم بالتخريب والتدمير. وهذا المأمون ليس إلا عصارة السلالة البربرية، وهو لا يدل علينا بشيء إلا أنه حبيب الأذفونش.
فتململ ابن زيدون وقال: إنه لو خدعته نفسه، وزين له الغرور غزو قرطبة، لرأى حولها أسوارا من سيوف وقلوب، فخير له أن يقبع في داره، وأن يتخلى عن الهوى ويعمل على جمع الكلمة ونبذ الفرقة. إن عرب الأندلس لن يعود إليهم مجدهم حتى تعود إليهم وحدتهم، وتتألف قلوبهم.. ثم زفر زفرة طويلة وقال: لقد ضاعت الأندلس، وتبدد بها ملك كان بهجة الدنيا، وزينة الدهور، وانفصمت تلك العروة العربية التي جمعت الآراء على رأي، وجعلت من الزنود المفتولة زندا، ومن السيوف الصارمة سيفا، فأصبح العرب بعد انحلالهم في هذه الجزيرة النائية بددا كالشياه فتك الذئاب برعاتها، فهامت في بيداء الخوف والجوع لا تسكن إلى ظل ولا تأوي إلى سياج.
Bilinmeyen sayfa