وجاءت مواقيته بالعجب
تجلى الصباح به عن حيا
قد اسقى، وعن زهر قد شرب
وما زلت أحسب فيه السحا
ب ونار بوارقها تلتهب
بخاتى توضع في سيرها
وقد قرعت بسياط الذهب
فقولك: «وجاءت مواقيته بالعجب» كلام لم يأت إلا لتكملة البيت، ثم ما هذه البدعة في «قد اسقى» فإن العرب حققوا الهمزة في «أسقى» وأنت تأبى إلا أن تسهلها، قد تقول إن هذه ضرورة، فأجيبك بأن الضرورة لا يلتجئ إليها شاعر يتحدى كبار الشعراء. والبيت الثالث ألفاظ كثيرة متزاحمة ليس فيها إلا أن البرق كالنار. ثم تقول: «وقد قرعت بسياط الذهب» والقرع يكون بالعصا لا بالسوط يا سيدي! أما سياط الذهب هذه، فهي أدهى وأشنع من «ماء الملام» التي عابوها على أبي تمام.
وأراد ابن زيدون أن يحول دون الجدل والخلاف، فقهقه وقال: إن الشعر لا يبحث فيه على هذا النحو، ولو تعمدنا النقد، وتكلفنا التدقيق، لم يسلم بيت لشاعر من المتقدمين أو المتأخرين. فصاح ابن الحناط قائلا: لا يا سيدي، إن آفة الشعر أن ينقده من لا يفهمه.
فأسرع شاب في العشرين قدم من «المرية» منذ أيام وقال: إذا أذن لناشئ مثلي في الكلام، فإني أقول: إن الأندلس جميعها تدين في الشعر لثلاثة، هم ابن برد وابن الحناط وابن زيدون.
Bilinmeyen sayfa