Hashiyat Al-Attar ala Jam' al-Jawami
حاشية العطار على جمع الجوامع
Yayıncı
دار الكتب العلمية
Baskı Numarası
بدون طبعة وبدون تاريخ
Türler
Fıkıh Usulü
أَيْ الْبَعْثَةِ لِأَحَدٍ مِنْ الرُّسُلِ
ــ
[حاشية العطار]
وَانْتِفَاءُ الْحُكْمِ إلَخْ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُصُولِ أَيْ الْعَقَائِدِ وَالْفُرُوعِ فَلَا يَجِبُ تَوْحِيدُهُ وَلَا غَيْرُهُ قَبْلَ إرْسَالِ الرُّسُلِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَنُقِلَ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: مَوْجُودٌ) قَالَ الشِّهَابُ التَّصْرِيحُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْخَبَرِ مَعَ كَوْنِهِ اسْتِقْرَارًا عَامًّا فِي الْمَزْجِ الَّذِي يُصَيِّرُ الْمَجْمُوعَ كَلَامًا وَاحِدًا غَيْرُ مُنَاسِبٍ اهـ.
وَرَدَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّ كَوْنَ الْمَزْجِ يُصَيِّرُ الْمَجْمُوعَ كَلَامًا وَاحِدًا حَقِيقَةً مَمْنُوعٌ قَطْعًا وَكَوْنُهُ يُصَيِّرُهُ كَالْكَلَامِ الْوَاحِدِ لَوْ سَلِمَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ، ثُمَّ إنَّ مُتَعَلِّقَ الْخَبَرِ لَمَّا كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَادَّةُ الْوُجُودِ فَيُفِيدُ انْتِفَاءَ وُجُودِ نَفْسِ الْحُكْمِ قَبْلَ الشَّرْعِ أَوْ مَادَّةُ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يُفِيدُ ذَلِكَ بَلْ يُحْتَمَلُ مَعَهُ حُصُولُ نَفْسِ الْحُكْمِ قَبْلَ الشَّرْعِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الْمُعْتَزِلَةِ كَالْمَعْلُومِ احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى بَيَانِهِ حَتَّى يُعْلَمَ الْمَقْصُودُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مُخَالَفَةُ قَوْلِهِمْ السُّكُونُ الْعَامُّ يَجِبُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ وُجُوبَ حَذْفِهِ فِي كَلَامٍ لَا يُنَافِي ذِكْرَهُ فِي كَلَامٍ آخَرَ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى بَيَانِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ الشَّارِحُ الظَّرْفَ مُتَعَلِّقًا بِالْحُكْمِ وَيُقَدَّرُ الْخَبَرُ بَعْدَ الظَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ لَكَانَ مَنْصُوبًا مُنَوَّنًا لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ شَبِيهًا بِالْمُضَافِ مَعَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي لَفْظِ حُكْمَ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ لَا مَبْنِيٌّ مَعَهَا عَلَى الْفَتْحِ فَلَا تَنْوِينَ فِيهِ نَعَمْ جَوَّزَ الْبَغْدَادِيُّونَ نَصْبَ التَّشْبِيهِ بِالْمُضَافِ مَعَ إسْقَاطِ تَنْوِينِهِ وَخُرِّجَ عَلَيْهِ نَحْوُ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت اهـ.
أَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ، ثُمَّ إنَّ مُتَعَلِّقَ الْخَبَرِ إلَخْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ حَذْفَ الْخَبَرِ قَرِينَةٌ عَلَى تَقْدِيرِهِ كَوْنًا عَامًّا وَلَوْ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ التَّخْصِيصَ لَذَكَرَهُ إذْ لَا مَعْنَى لِحَذْفِهِ حِينَئِذٍ وَقَوْلُهُ وُجُوبَ حَذْفِهِ فِي كَلَامٍ إلَخْ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ الْحَذْفُ وَاجِبًا مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِوُجُوبِهِ فَهَذَا تَخْصِيصٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْبَعْثَةِ لِأَحَدٍ مِنْ الرُّسُلِ) فَسَّرَ الشَّرْعَ بِالْبَعْثَةِ دُونَ الْأَحْكَامِ الْمَشْرُوعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِهِ وَظَاهِرُ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّا قِيلَ جَمِيعُ الرُّسُلِ وَهُوَ مَا قَبْلَ آدَمَ عَلَى الْجَمِيعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ قَوْلَ الْحَلِيمِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ فِي بَابِ مَنْ تَبْلُغُهُ الدَّعْوَةُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ عَاقِلًا ذَا رَأْيٍ وَنَظَرٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ دِينًا فَهُوَ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَ دَعْوَةَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ﷺ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ سَمِعَ دَعْوَةَ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ ﷺ عَلَى كَثْرَتِهِمْ وَتَطَوُّلِ أَزْمَانِ دَعْوَتِهِمْ وَوُفُورِ عَدَدِ الَّذِينَ آمَنُوا بِهِمْ وَاتَّبَعُوهُمْ وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا بِهِمْ وَخَالَفُوهُمْ فَإِنَّ الْخَبَرَ قَدْ يَبْلُغُ عَلَى لِسَانٍ الْمُخَالِفِ كَمَا يَبْلُغُ عَلَى لِسَانِ الْمُوَافِقِ وَإِذَا سَمِعَ آيَةَ دَعْوَةٍ كَانَتْ إلَى اللَّهِ فَتَرَكَ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِعَقْلِهِ عَلَى صِحَّتِهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِدْلَالِ وَالنَّظَرِ كَانَ بِذَلِكَ مُعْرِضًا عَنْ الدَّعْوَةِ فَكَفَرُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَسْمَعْ قَطُّ بِدِينٍ وَلَا دَعْوَةِ نَبِيٍّ عُرِفَ أَنَّ فِي الْعَالَمِ مَنْ يُثْبِتُ إلَهًا وَمَا يَرَى أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فَإِنْ كَانَ فَأَمْرُهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ يَعْنِي فِي أَنَّ الْإِيمَانَ هَلْ يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْلِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ النَّقْلِ اهـ.
وَهَذَا صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ تَكْلِيفِ كُلِّ أَحَدٍ الْإِيمَانَ بَعْدَ وُجُودِ دَعْوَةِ أَحَدٍ مِنْ الرُّسُلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا إلَيْهِ، وَفِي تَعْذِيبِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ بِتَرْكِ الْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ وَهَذَا مَا اعْتَمَدَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ إنَّ مَنْ مَاتَ فِي الْفَتْرَةِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْعَرَبُ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ فَهُوَ فِي النَّارِ وَلَيْسَ فِي هَذَا مُؤَاخَذَةٌ قَبْلَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ كَانَتْ بَلَغَتْهُمْ دَعْوَةُ إبْرَاهِيمَ وَغَيْرِهِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اهـ.
وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فِي اعْتِمَادِهِ حَتَّى قَالَ فَمَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَقَصَّرَ فِي الْبَحْثِ عَنْهَا فَهُوَ كَافِرٌ مُسْتَحِقٌّ لِلْعِقَابِ فَلَا تَغْتَرَّ بِقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ فِي نَجَاةِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ اهـ.
لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَشَاعِرَةُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْأُصُولِ وَالشَّافِعِيَّةُ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّ أَهْلَ الْفَتْرَةِ لَا يُعَذَّبُونَ وَقَدْ صَحَّ تَعْذِيبُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْفَتْرَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَحَادِيثَهُمْ آحَادٌ لَا تُعَارِضُ الْقَطْعَ بِعَدَمِ تَعْذِيبِ أَهْلِ الْفَتْرَةِ وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ تَعْذِيبُ مَنْ صَحَّ تَعْذِيبُهُ مِنْهُمْ لِأَمْرٍ يَخْتَصُّ بِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ عِلْمُهُ تَعَالَى وَرَسُولِهِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي كُفْرِ الْغُلَامِ الَّذِي قَتَلَهُ الْخَضِرُ ﵇ وَبِأَنَّ تَعْذِيبَ هَؤُلَاءِ الْمَذْكُورِينَ فِي الْأَحَادِيثِ مَقْصُورٌ عَلَى مَنْ غَيَّرَ
1 / 88