İslami Hareketler Üzerine Dersler
محاضرات عن الحركات الإصلاحية ومراكز الثقافة في الشرق الإسلامي الحديث
Türler
أما ثورات الجات فقد خلقت للحكومة المركزية مشكلة شائكة؛ فقد كانوا - بحكم قربهم الشديد من العاصمة - مصدر فزع دائم لسكان دلهي، وليس أحسن من وصف
Harcharam Das
لما فعله الجات؛ فقد قال: «كان سكان دلهي يتنقلون من بيت إلى بيت، ويتدافعون من حارة إلى حارة في يأس قاتل وحيرة مميتة، كأنهم سفينة محطمة تتقاذفها الأمواج، كل فرد كان ينطلق مذهولا بلا غاية، وكأنه قد أصيب بمس من الجنون.»
وكأن هذه الهزات الداخلية لم تكن كافية لتصيب كيان الحكومة المغولية بالشلل، فإن نادر شاه ملك الأفغان لم يلبث أن أغار على الهند في سنة 1739م، وكانت غارته هذه القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد تلاشت نهائيا كرامة الإمبراطورية المغولية، وسلبت الهند كل ثرواتها، وجمعت الحركات المعادية للمغول قواها، وأشاعت مناظر المجاعات والتخريب غير المتوقعة عوامل الرعب واليأس في قلوب الشعب.
كانت دلهي قلب الإمبراطورية؛ ولهذا كان لزام عليها أن تتحمل نتائج الصدمة التي يحدثها كل اضطراب داخلي أو ضغط خارجي، وقد غمرت هذه المحن والبلايا سكان مدينة دلهي، بحيث أصبحوا يحسون أن الحياة ذاتها عبء ثقيل لا يحتمل، بل إن بعض المسلمين فكروا أمام هذه الظروف العصيبة أن يحرقوا أنفسهم ليتخلصوا من الحياة، وبدأ اليأس والتشاؤم ينخر في أرواحهم كما ينخر السوس العظام! •••
كانت هذه الأحداث جميعا تدور أمام ناظري شاه ولي الله، فتعصر قلبه عصرا وتلفح روحه بالنيران، ولقد عبر عن أحزانه الكامنة في قلبه بهذا البيت الرائع من الشعر:
كأن نجوما أومضت في الغياهب
عيون الأفاعي، أو رءوس العقارب
ولكنه لم يكن بالرجل الذي يسمح لليأس أن يغشي بصره أو بصيرته، فبينما كان كل فرد غيره قد نال منه الرعب والاضطراب، استعان هو بذهنه الواضح وبشجاعته النادرة، وراح يبحث عن أسباب هذه المتاعب جميعا، وقد استطاع كدارس ذكي نقاد للتاريخ الإنساني أن يكتشف هذه الأسباب وأن يضع أصبعه على مواطن الداء. (4-6) عقيدة شاه ولي الله أنه مجدد عصره
وكان شاه ولي الله يعتقد أن العناية الإلهية قد اختارته لإصلاح هذا النظام السياسي والاجتماعي الفاسد؛ فقد كتب مرة في «فيوض الحرمين» يقول: «رأيتني في المنام قائم الزمان، أعني بذلك أن الله إذا أراد شيئا من نظام الخير جعلني كالجارحة لإتمام مراده.»
Bilinmeyen sayfa