29
وذات مساء - وكان الشتاء ما زال يسفع الحارة بسياطه - جاء عم يونس السايس إلى الدار، يسير بين يدي مأمور القسم وقوة من المخبرين. اجتمع المأمور وشيخ الحارة بالأسرة في قاعة الاستقبال، وسرعان ما سأل المأمور: لمن وكالة الفحم والداران؟
فأجاب ضياء: كانت ملك المرحوم وعنه ورثناها. - إلي بوثائق الملكية.
ذهب ضياء ثم رجع بصندوق فضي متوسط الحجم، فمضى المأمور يطالع الوثائق، ثم ردد عينيه بين حليمة وابنيها وقال: كل شيء ملك للغير.
لم يفقه أحد معنى لقوله، ولم تعكس وجوههم أي أثر، فقال يونس السايس: جميع ما في حوزتكم من تجارة وعقار ملك للغير، لم يكن ملكا لفائز، وبالتالي لا حق لكم فيه.
صرخ ضياء: ما معنى ذلك؟!
فقال شيخ الحارة: الأمر لله، عليكم أن تسلموا الدار والوكالة في الحال. - في الأمر خطأ ولا شك! - لقد باع فائز كل شيء، وقدم المالك الجديد المبايعة وهي صحيحة لا شك فيها!
تساءل عاشور بذهول: أحقا ما تقول؟
فقال المأمور بهدوء وحزم معا: لم نأت في هذه الساعة للمزاح. - إنه فوق ما يتصور العقل! - ولكنه الواقع الذي لا شك فيه.
فتساءل ضياء بفزع: إذن فأين ثمن البيع؟ - علم ذلك عند الله والمنتحر.
Bilinmeyen sayfa