فهتفت بحدة: ذبل الشباب في خدمتكم. - لا بد من تأديبهم. - ليسوا أطفالا وسيذهبون.
إنها تعلم أن الخصام سيتلاشى سريعا، وأن الكلمات القارصة والهمسات العذبة تمتزج في قدح واحد.
وفكر عاشور في أمر أولاده بقلق.
لم يفلح أحدهم في الكتاب، لم يجد أحد منهم عناية من والديه لانشغالهما بعملهما المتواصل، لم يحظوا بما حظي هو به في كنف الشيخ عفرة، تشربوا بعنف الحارة وخرافاتها وغابت عنهم فضائلها، حتى قوته لم يرثها أحد منهم. لم يتعلق أحدهم به أو بأمه، حبهم سطحي متقلب، قلوبهم متمردة من قديم وإن لاذت بالصمت. لا موهبة ولا ميزة. سيظلون صبيان ولن يترقى أحد منهم إلى درجة معلم أبدا، وها هم يهرعون إلى البوظة عند أول إشارة، ولن يقفوا عند حد.
قال بحزن: لن يجيئنا منهم إلا ما يكدر القلب.
فقالت بتسليم: إنهم رجال يا معلم!
17
مرة وهو مقبل بالكارو فيما أمام الخمارة تصدى له درويش قائلا: مرحبا.
لم يتجاهله هذه المرة، رغم مقته له لم يتجاهله. شد اللجام فتوقف الحمار عن السير، ووثب واقفا أمام درويش وقال له بحزم : هذا العمل لا يليق بذكرى أخيك.
فابتسم درويش متهكما وقال: أليس خيرا من قطع الطريق؟ - إنه سيئ مثله. - معذرة فإني أحب المغامرات. - بحارتنا من الشر ما يكفي وزيادة. - البوظة كما أنها تضاعف من شر الشرير، فإنها تضاعف من طيبة الطيب، شرف وجرب. - عليها اللعنة.
Bilinmeyen sayfa