Lübnan Gerçeği: Düşünceler ve Konuşmalar
الحقيقة اللبنانية: خواطر وأحاديث
Türler
... وذاك - أيها السادة - صاحب الذكرى، كما ترون؛ لم تسر به الحياة على خط واحد؛ بل على خطوط عدة، متوازية تارة، متقاطعة تارة أخرى، تتناوب قصرا وطولا، شطر غاياتها، كمد البحر وجزره، وفق ملابسة الدنيا ومناسبة الزمن. وإنه لمن سعد الطالع أن الوجود لم يتغن به، كما يصنع بالخلق عادة، على الوتيرة الواحدة - من سعد المنشد والسامعيه على السواء. لكن التلخيص والتبسيط قد يصوران تلك السيرة، مجردة من الملابسة الدنيوية، والمناسبة الزمنية، تدور على محوريها من القول والعمل، من جودة القول وصلاح العمل.
قال الشعر بالفصحى سالكا الجدد، وهواه في العامية، ابنتها الحسناء غير الشرعية. عمل في الإدارة «النظامية» لكن حنينه إلى هامشها؛ النضال حتى التمرد. وإنه لمما يشغل الذهن حقا، هذا الاتصال البعيد الغور، الأصيل عند الشعراء، بين عبقرية القول وعبقرية العمل. فالمتنبي مات على إيمان بأنه حرم كل شيء لأنه لم يعط ولاية، ورنبو دفن ذاته، تاجرا مغامرا، في أنكد عيش. ناهيك بأبي نواس، ذلك الماجن الذي يتوعد في بعض شعره البصري جادا، بأن «سيبغي الغنى، إما جليس خليفة، أو مخيف سبيل.
بكل فتى لا يستطار جنانه
إذا نوه الزحفان باسم قتيل
لنخمس مال الله من كل فاجر
أخي بطنة للطيبات أكول»
فكأني بالشعراء يعييهم الخلق بالكلمة، في دنيا الصور والفكر، فيلوذون بدنيانا، ليضعوا طابعهم في طينتها المجبولة بعرق البشر ودمهم، وهكذا يهبطون من حالق، فيثأرون من أنفسهم؛ إذ يحسبون أنهم يثأرون لها، فيا للفجيعة!
على أن صاحب هذه الذكرى وفق أخيرا، إلى التوفيق بين القول الجيد والعمل والصالح، في ذلك المزيج الفذ «كلنا للوطن». فالنشيد اللبناني، ككل نشيد وطني يحيا في الجماهير، هو كلام متجدد الروعة، وفعال باقي الأثر.
كنت أفكر في الكتاب العربي. أقول: الكتاب العربي، وأعني: اللغة العربية، لكن ليس بوصفها أداة للعبارة عن إدراك الإنسان وتصوره وإحساسه، شأن سائر اللغات - أداة وحسب - بل أيضا بما حملته تلك الأداة، قديما وحديثا، من روائع المنظوم والمنثور، في كل فن، ومن كل لون. ولا حاجة بي إلى القول إن تفكيري هذا لم يكن تفكير كاتب من الكتاب، بل تفكير قارئ من القارئين.
وكنت في الوقت نفسه أستعرض، عن غير قصد ولا روية، بسرعة البرق الخاطف، صورا ناصعة وباهتة من حياتي، في مختلف أطوارها وبيئاتها المادية والمعنوية؛ فانتهيت - ولست أجد في ذلك غرابة ولا غضاضة - إلى هذه النتيجة البسيطة المركبة على السواء، وهي أني، بعد كل حساب، مدين للكتاب العربي بأرغد شطر من عمري.
Bilinmeyen sayfa