ولكنك لم توضح لي صفات هؤلاء الشمامين.
س :
إلى سهرة الغد تصبحون على خير.
الفصل العاشر
قال الراوي: هذا ما كان من الساحر المشعوذ الأستاذ الجليل في تلك العشية الحافلة، وأما ما كان من أمر الملك - وقد تركناه على موعد مع رجال دولته، وهم من خلص أتباعه؛ ليستقصي أعمال أولئك الخاصة الخونة، يعملون لشداد، الملك الجبار المقهور، ويثيرون أطماع ابن أخيه بالعرش، وهو شاب مسرف مستهتر؛ فإنه لم يكد الساحر يغادر القصر، وقد راقبه الملك من شرفة القاعة يسير سيره الوئيد إلى أن بلغ الرتاج، حتى استدعى رئيس الحجاب، فسأله عمن في قاعة الانتظار، فأعلمه بوجود أعضاء المجلس من وزراء وأمراء وحكام ومستشارين، يختارهم من بين الخلص من رجاله وأرباب دولته، بعد أن يتحقق أنهم من أبناء الحلال، فأمر بإدخالهم، فدخل هؤلاء العظماء متتابعين حسب المراسم المتبعة، وقد حياه كل منهم بالتحية الملكية واضعا يديه على صدره بشكل متقاطع؛ اليد اليمنى إلى اليسار واليسرى إلى اليمين، مع انحناء طويل قد يبلغ السجود، ثم وقفوا جميعا برهة، أمرهم الملك بعدها بالجلوس، فجلس كل واحد في مقعده، وساد سكون عميق رهيب، وهم متهيئون لاستماع ما يقوله الملك.
طال صمت الملك، فأخذوا يتخالسون النظرات، وكأنهم يتساءلون عن الأمر الخطير الذي شغل الملك، واستولى على تفكيره وتأمله، ولا أحد من هؤلاء العظام تجاسر على تعكير هدوء هذا الصمت المخيف بكلمة، إنه الملك وكلهم عبيد، هكذا كانت روح ذلك الزمن، وما زالت رءوسهم مخفوضة إلى الأرض، حتى سمعوا أخيرا صوت الملك يقول: أسعدتم مساء، فأجابوا جميعا بصوت واحد أشبه ما يكون بالهتاف: أسعد الله مساء مولانا صاحب الجلالة، فسعادتنا بسعادته. ثم عاد الصمت قليلا، فتح بعده الملك الحديث بقوله: هل من جديد؟ وكان على وزير الميمنة أن يجيب أولا حسب تقاليد الزمن، سواء أكان على علم بالحقيقة أم لم يكن، فقال: لا جديد إلا ازدياد تعلق الشعب بمليكه، وتشدد الأمة في إخلاصها لعرش جلالتكم المفدى، فنحن - حكومة وشعبا - ندعو دائما وأبدا بدوام ولي النعم ومالك الرقاب في عزه ورفاهه ومجده.
الملك :
وهل الناس مطمئنون إلى حقوقهم، مرتاحون لأعمال الحكام والقضاة؟
وزير الميمنة :
كل الاطمئنان وكل الراحة، وهل يكون غير ذلك وجلالة ولي النعم لا يفتأ يعنى عناية خارقة في اختيار الحكام والقضاة وسائر العمال من أبناء الحلال.
Bilinmeyen sayfa