وذم أعرابي قومًا فقال أولئك قوم سلخت أقفاؤهم بالهجاء ودبغت جلودهم باللؤم فلباسهم في الدنيا الملامة وفي الآخرة الندامة وذم أعرابي قومًا فقال أولئك قوم هم أقل الناس ذنوبًا إلى أعدائهم وأكثرهم تجريًا على أصدقائهم يصومون عن المعروف ويفطرون على الفحشاء وكان عيسى ابن فرخان شاه يتيه على أبي العيناء في حال وزارته فلما انصرف عنها لقي أبا العيناء في بعض السكك فسلم عليه سلامًا خفيًا فقال أبو العيناء لغلامه من هذا قال أبو موسى فدنا منه حتى أخذ بعنان بغلته وقال لقد كنت أقنع بإيمائك دون بيانك وبلحظك دون لفظك فالحمد لله على ما آلت إليه حالك فلئن كنت أخطأت فيك النعمة لقد أصابت فيك النقمة ولئن كانت الدنيا أبدت قبائحها بالاقبال عليك لقد أظهرت محاسنها بالادبار عنك ولله المنة إذ أغنانا عن الكذب عليك ونزهنا عن قول الزور فيك فقد والله أسأت حمل النعمة وما شكرت حق المنعم ثم أطلق يده من عنانه ورجع إلى مكانه فقيل له يا أبا عبد الله لقد بالغت في السب فما كان الذنب فقال سألته حاجة أقل من قيمته فردني عنها بأقبح من خلقته قال بعض الأعراب نزلت بذاك الوادي فإذا ثياب أحرار على أجسام عبيد اقبال حظهم ادبار حظ الكرام أخذ هذا المعنى شاعر فقال
أرى حللًا تصان على رجال ... وإعراضًا تدال ولا تصان
يقولون الزمان به فساد ... وهم فسدوا وما فسد الزمان
وسئل بعض البلغاء عن رجل فقال هو صغير القدر قصير الشر ضيق الصدر لئيم النجر عظيم الكبر كثير الفخر وسئل آخر عن رجل فقال لو قذف على الليل لؤمه لانطمست منه نجومه وسئل آخر عن رجل فقال يكاد يعدي بلؤمه كل من تسمى باسمه وقال حجاج بن هرون والله ماله في الشرف أسباب متان ولا في الخير عادات حسان وذم أعرابي رجلًا فقال هو عبد البدن حر الثياب عظيم الرواق صغير الأخلاق الدهر يرفعه وهمته تضعه وذم آخر رجلًا فقال أما الوجه فدميم وأما الخلق فذميم وأما الخيم فوخيم وأما العرض فزنيم وأما الحسب فلئيم وقال الجاحظ فلان لا تنجع فيه الرقى ولا
1 / 73