============================================================
غير المتهافت على ولائم السلاطين ، بل المتعالى عليهم النافر منهم ، وهو سلوك العالم المسلم الحق ، الذى يقدر الأمور حق قدرها ، ولا يخشى في الله لومة لائم .
فقدكان لا يأبه بالسلاطين مالم يأبهوا هم بالعلماء وينزلونهم المنزلة 1 الدى تليق بعلمهم وفضلهم.
فمن ذلك انه ذهب ذات مرة للقاء السلطان الأشرف قايتباى (المتوفى 901ه) ، وكان سلطانا جليلا ، وقد كان أطول سلاطين المماليك ، بقاء في الحكم ، ورأى السيوطى أنه ينبغى أنه يلاقى السلطان فى الهيئة الكريعة التى يجمل بالعلماء أن يظهروا بها ، فتوجه للقاء السلطان وعلى رأسه الطيلسان ، غير أن القوم من الحكام لم يكونوا قد الفوا هذا اللون من السلوك ، فعوتب السيوطى على ذلك ، ولكنه رفض الوم ، وأنشأ رسالة في تبرير سلوكه ، أطلق عليها : " الأحاديث الحسان فى فضل الطيلسان"(1) .
ولم يقف الأمر بالسيوطى فى هذه الحادتة عند هذا الحد ، بل أنه حين شفى السلطان من مرض كان قد ألم به بعد ذاك ، توجه العلماء لتهنثته بالشفاء ماعدا السيوطى الذى رفض مصاحبتهم ، وامتنع عن لقاء السلطان ، وعاد وأنشأ رسالة أخرى أسعاها : "رواية الأساطين فى عدم المجىء إلى السلاطين"(2) .
وقد كان السلطان الغورى (المتوفى 922ه) له مشاركة في الشعر والأدب والتاريخ، وقراءة السير ، وله مجالس علم مشهورة عرفت بمجالس الغورى ، ولقد حلول هذا السلطان أن يقرب السيوطى اليه وأن يعيده إلى سابق وظائفه، وأن يسترضيه مما لحق به من اذى فى عهد سلفه ، ولكنه أبى واثر العزلة مع العلم ، على الحياة مع السلطان.
Sayfa 26