روضة العابدين
روضة العابدين
Yayıncı
مكتبة الجيل الجديد
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
Yayın Yeri
صنعاء - اليمن
Türler
يَعْلَمُونَ﴾ [غافر ٥٧].
ثالثًا: تذكرُ الموت ورحيل الإنسان عن الدنيا إلى الآخرة.
فاستحضار الإنسان ساعةَ رحيله عن الدنيا وملاقاته الموت وانتقاله إلى الدار الآخرة التي تكشف فيها السرائر ويبرز ما في الضمائر ويحاسب الإنسان فيها على ما قدم في حياته الدنيا، ثم المصير إلى جنة عرضها السماوات والأرض أو إلى نار وقودها الناس والحجارة إن استحضار هذا المشهد المستقبلي الحق في ذهن الإنسان يدفعه دفعًا شديدًا إلى خوف ربه، وإجلاله أن يكون من عصاته الذين ينزل بهم غضبه ويحل عليهم عقابه.
رابعًا: العلم بالله تعالى وبدينه الحنيف.
فإن الجهل بدين الله يدفع كثيرًا من الناس إلى ترك واجبات الإسلام والانغماس في حمأة الحرام بلا رادع من خوف أو حاجز من خشية تحول بينهم وبين ركوب الباطل ومجاوزة الحلال إلى الحرام. لذلك كان على المسلم أن يتعلم شرع الله تعالى حتى يعرف الحلال فيأتيه والحرام فيجتنبه. فمعرفة شرع الله من أعظم الأسباب التي تعين على تحصيل خوف الله تعالى في القلب؛ ولذلك قال تعالى عن العلماء العاملين الصادقين: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾ [فاطر ٢٨].
" أي: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به؛ لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى، كانت المعرفة به أتم والعلم به أكمل والخشية له أعظم وأكثر" (^١).
وإنما كان العلماء أكثر خشية وخوفًا من الله" لأنهم هم الذين يتفكرون في عجائب مصنوعاته، ودلائل قدرته، فيعرفون عظمته وكبرياءه، وجلاله وجماله، ويتفكرون فيما أعد الله لمَن عصاه من العذاب ومناقشة الحساب، وفيما أعد لمَن خافه وأطاعه من الثواب، وحسن المآب، فيزدادون خشية، ورهبة ومحبة ورغبة في طاعته، وموجب
(^١) تفسير ابن كثير (٣/ ٦٦٧).
1 / 121