ومن الفتوة الحلم عن السفيه، والصفح عن المسيء. أخبرنا أبو بكر المفيد إجازة، حدثنا محمد بن عيسى القرشي، سمعت أبي يقول: أوصى رجل ابنه فقال: يا بني، احلم عمن سفه عليك، واصفح عمن أساء إليك، ودع للصلح موضعًا لديك، ليسلم لك أصدقاؤك، ويستحي منك أعداؤك.
ومن الفتوة أن لا يمل إخوانه. ويثبت على مودته. سمعت الشيخ أبا سهل محمد بن سليمان يقول: أنشدنا ابن الأنباري، قال: أنشدنا أحمد بن يحيى:
وليس خليلٌ بالملول ولا الذي ... إذا غبت عنه باعني بخليل
ولكن خليلٌ من يدوم وصاله ... ويحفظ سري عند كل دخيل
سمعت أبا الفتح القواس الزاهد ببغداد يقول: من مل إخوانه بلا سبب، فاعلم أن مودته لم تكن إلا لطمع.
ومن الفتوة أن يكون العبد شريف الهمة في أمر دينه ودنياه. سمعت محمد ابن عبد الله الرازي يقول: سمعت جعفر بن محمد الخواص يقول: سمعت الجنيد ﵀ يقول: قيمة كل امرئ همته فمن كانت همته الدنيا، فقيمته لا شيء، ومن كانت همته الآخرة، فقيمته جنةٌ عرضها السموات والأرض، ومن كانت همته رضا الله تعالى، فلا قيمة له في السموات والأرضين غير الرضوان. قال الله ﵎: ﴿ورضوانٌ من الله أكبر﴾ . قال أبو الطيب الشيرازي: قلت لأبي بكر الطمستاني ﵀ وقت مفارقته: أوصني. فقال: الهمة الهمة.
1 / 69