السامعون يتصايحون من الطرب كأنهم يسمعون مغنيًا في ملهى، لا يزيد إيمانهم بتلاوة القرآن، كما خبَّر الله عن أهل الإيمان، وصرنا نفتح به ونختم به الإذاعات والحفلات، ويكون بين تلاوة الافتتاح وتلاوة الختام ما لا يرضي الله من المخالفات والذنوب والآثام.
...
من هنا، ومن الأحاديث الموضوعة التي كشفها العلماء وما زال يرددها بعض الجهلة من الوعاظ والخطباء، وممن يبتدع في الدين مالم يأذن به الله ولا أرشد إليه رسول الله، ومن سوء فهم بعض الفقهاء لكلام الله وسنة رسول الله، ومما دخل علينا من شبه وضلالات على أيدي المنضِّرين المكفّرين الذين يتسمَّون كذبًا بالمبشرين، وأيدي المستشرقين الذين يتكلمون في العربية وفي الدين، وقليل منهم من المخلصين، الذين يؤتون من ضعف العلم بالدين، وفقد مَلَكةِ العربية التي لا تحصل بالتعليم والتلقين، وأكثرهم بين عدو للإسلام يدسُّ ويفتري ويلبّس دسَّه وافتراءه ثوب التحقيق العلمي، كما كان يفعل كجولد زيهير ولامنس وشاخت وأمثالهم وتلاميذهم الذين قرؤوا عليهم، ونشؤوا على أيديهم كـ (فيليب حتي) الذي جعلناه المرجع في التاريخ.
...
إن سبيل الإصلاح بيِّن ظاهر، إن شئنا سلوكه فليتفق الدعاة إليه على منهج واحد، نرتب فيه المقاصد التي ندعو إليها، نقدِّم الأهم منها على المهم، لا ندع الأصول ونتنازع في الفروع، وقد وضَّح الرسول ﷺ هذا المنهج لمعاذ لما بعثه إلى اليمن داعيًا إلى الله، ومبشرًا بالإسلام ومعلمًا ومرشدًا للراغبين فيه فقال له: ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله، إلى تصحيحٍ العقيدة لأن العقيدة هي الأصل، هي الأساس فإن ارتفع البناء عشرين طبقةً في الهواء بغير أساس لم ينفعه الارتفاع، ومن قام الليل كله وصام الدهر كله، وفي إيمانه شرك، كان كالتلميذ الذي أخذ أسئلة الامتحان وقعد في داره فأجاب عليها كلها، ولكنه سحب أوراقه من المدرسة، ومحي اسمه من سجلاتها.
درسٌ واحد أمره أن يعلمه الناس هو صدق التوحيد، وصحة العقيدة،
1 / 12