ما نحن؟
من أين أتينا؟
إلى أين نذهب؟
تباطأنا ولكن بشجاعة لا تهزم، مضينا ندفع علامة الاستفهام شيئا بعد شيء نحو ذلك الخط البعيد الكائن من وراء الأفق، حيث ذهب بنا الأمل أن نقع على جواب.
لم نتقدم كثيرا بعد.
إن معرفتنا ما تزال قاصرة، غير أننا وصلنا إلى حيث نستطيع أن نحدس بأشياء كثيرة، بقدر كاف من الضبط.
إذا مثلنا للزمن الذي مر على نشوء الحياة الحيوانية والنباتية في هذا السيار بخط لا يتجاوز امتداده عرض صفحة الكتاب، واقتطعنا من هذا الخط جزءا من خمسين من طوله، فإن هذا الجزء المقتطع يشير إلى عمر الإنسان، أو عمر مخلوق شبيه به، فوق الأرض.
والإنسان، إن كان آخر صورة في قافلة التطور، فإنه أول كائن استخدم «العقل» ليغزو به قوى الطبيعة؛ وذلك هو السبب في أن الباحثين صرفوا أكثر همهم إلى دراسته، ولم يحفلوا بغيره من المخلوقات، كالسنانير والكلاب والخيل، حفولهم به، وإن كان لهذه المخلوقات من ناحيتها الخاصة، تاريخ نشوئي ذو بال، خلفته من ورائها خلال القرون. •••
كان السيار الذي نعيش فيه - وذلك بقدر ما وصل إليه العلم - كرة كبيرة من المادة المشتعلة، ظهرت كغمامة صغيرة من الدخان في محيط ضخم في الفضاء. وتدرجا، في خلال ملايين متعاقبة من السنين، أكلت النار قشرتها الخارجية، أو قل إن قشرتها «تحارقت»؛ أي أحرق بعضها بعضا، واكتست بطبقة رقيقة من الصخر. ومن فوق هذه الطبقة الجماد، هطل المطر غمرا وبلا انقطاع، مفتتا أجزاء من الطبقة الصوانية، حاملا الثرى والفتات إلى الوديان التي كانت تقبع نائمة بين الصخور الشامخة التي علت الأرض المستبخرة.
وأتت الساعة في نهاية الأمر، فاخترقت أشعة الشمس غلاف السحب، وشهدت كيف أن هذا السيار تغشاه ضحاضح، ستصبح فيما بعد تلك المحيطات العظمى التي تستوي في شرقي الأرض وغربيها.
Bilinmeyen sayfa