١٩ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ذَكْوَانَ، ﵀، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى الَّذِي ذَهَبَ يَلْتَمِسُ الْعِلْمَ، فَلَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ: أَسَمِعْتَهُ يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: كَذَبَ نَوْفٌ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: بَيْنَمَا أَتَى مُوسَى فِي قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ، وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلاؤُهُ، إِذْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي الأَرْضِ رَجُلا خَيْرًا أَوْ أَعْلَمَ مِنِّي.
قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «إِنِّي أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ هُوَ، إِنَّ فِي الأَرْضِ رَجُلا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ».
قَالَ: يَا رَبِّ دُلَّنِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى صَخْرَةٍ، فَعُمِّيَ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ فَتَاهُ، فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ فَجَعَلَ لا يَلْتَئِمُ لَيْلَتَهُ صَارَ مِثْلَ الْكَوَّةِ، قَالَ: فَقَالَ فَتَاهُ: أَلا أَلْحَقُ بِنَبِيِّ الله أَلا فَأُخْبِرُهُ.
قَالَ: فَنَسِيَ.
فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا.
قَالَ: وَلَمْ يُصِبْهُمْ نَصَبٌ حَتَّى تَجَاوَزَا.
قَالَ: فَتَذَكَّرَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَجَبًا﴾ [الكهف: ٦٣].
قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَأَرَاهُ مَكَانَ الْحُوتِ.
قَالَ: هَا هُنَا وُصِفَ لِي، فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ مُسَجًّى ثَوْبًا مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا، أَوْ قَالَ: عَلَى حُلاوَةِ الْقَفَا.
فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، وَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى.
قَالَ: وَمَنْ مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ.
قَالَ: فَجِئْ فِيمَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا.
قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا فَشَيْئًا أُمِرْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ.
قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، قَالَ: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا، وَانْتَحَى عَنْهَا.
فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا.
قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ: لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ، وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ.
قَالَ: فَانْطَلَقَ إِلَى أَحَدِهِمْ بَادِي الرَّأْيِ فَقَتَلَهُ.
قَالَ: فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى ذَعْرَةً مُنْكَرَةً، فَقَالَ: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْلا أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذِمَامَةٌ.
قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا.
وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى مِنْهُ الْعَجَبَ.
قَالَ: وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَى كَذَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا.
قَالَ: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامٍ فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ يَسْتَطْعِمَانِ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ.
قَالَ: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا.
قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ.
إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
فَإِذَا جَاءَ الَّذِي سَخَّرَهَا وَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً فَتَجَاوَزَهَا فَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ، وَأَمَّا الْغُلامُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ فَلَوْ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ.
إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، هَذَا.
وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَانِئٍ الْهَمْدَانِيُّ، مِنْ كِبَارِ تَابِعِي أَهْلِ الْكُوفَةِ.
وَأَصْلُ الْحَدِيثِ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقٍ
1 / 20