Faydalar

فوائد أبي الفرج الثقفي

Yayıncı

مخطوط نُشر في برنامج جوامع الكلم المجاني التابع لموقع الشبكة الإسلامية

Baskı Numarası

الأولى

Yayın Yılı

٢٠٠٤

Türler

Hadith
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تَوَكَّلْتُ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ قَالَ فِي خُطْبَةِ كِتَابِهِ: الْعُلُومُ ثَلاثَةٌ، عَقْلِيٌّ مَحْضٌ لا يَحُثُّ الشَّرْعُ عَلَيْهِ، وَلا يَنْدُبُ إِلَيْهِ، كَالْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ وَالنُّجُومِ، وَأَمْثَالِهَا مِنَ الْعُلُومِ، فَهِيَ بَيْنَ مُتُونٍ كَاذِبَةٍ لا ثِقَةَ بِهَا، وَإِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ. وَبَيْنَ عُلُومٍ صَادِقَةٍ لا مَنْفَعَةَ لَهَا، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَفِي هَذَا الْكَلامِ مِنَ الْخَلَلِ وَالْخَطَلِ مَا لا يَخْفَى عَلَى الْمُبْتَدِئِينَ الشَّادِّينَ، فَضْلا عَنِ الْعُلَمَاءِ الْمُحْرِزِينَ لأَنَّهُ. . . . . . قَسَّمَ عِلْمَ الْحِسَابِ وَالْهَنْدَسَةِ وَالنُّجُومِ إِلَى ظَنٍّ كَاذِبٍ. وَعِلْمٍ صَادِقٍ غَيْرِ نَافِعٍ، وَذَلِكَ قَوْلٌ مُبَايِنٌ لِلْمَعْقُولِ، مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ، فَإِنَّ الْحِسَابَ لَيْسَ لِلظُّنُونِ فِيهِ مَجَالٌ. . . . . .، لأَنَّهُ إِمَّا ضَرْبٌ أَوْ نِسْبَةٌ أَوْ قِسْمَةٌ وَكُلُّ ذَلِكَ قَطْعِيٌّ يَقِينِيٌّ لا يُبَارِي إِلَيْهِ شَكٌّ وَلا يَعْتَرِيهِ رَيْبٌ، فَكَيْفَ يَتَوَهَّمُ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ فِيهِ ظِنوِنًا كَاذِبَةً؟ أَمْ كَيْفَ يَعْتَقِدُ مُعْتَقِدٌ أَنَّ الشَّرْعَ لا يَحُثُّ عَلَيْهِ وَلا يَنْدُبُ إِلَيْهِ؟ وَمَدَارُ عِلْمِ الْفَرَائِضِ، وَقِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ وَالتَّرِكَاتِ عَلَيْهِ؟ وَقَدْ قَالَ ﵇: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهَا النَّاسَ، فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ، وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ حَتَّى يَخْتَلِفَ الرَّجُلانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلا يَجِدَانِ مَنْ يُخْبِرُهُمَا بِهَا». وَقَالَ ﵇: «الْفَرَائِضُ نِصْفُ الْعِلْمِ». إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الأَخْبَارِ وَالآثَارِ، ثُمَّ بِهِ مَقَادِيرُ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الْخِرَاجَاتِ وَالزَّكَوَاتِ، وَيُفْصَلُ بِهِ قَضَايَا. . . . . . وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ صَدَقَةَ ثَلاثِ سِنِينَ، وَلَمْ أَلْقَهُ وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو عَمْرٍو، وَإِبْرَاهِيمُ اسْمُ أَبِي عَدِيٍّ، بَصْرِيٌّ كَبِيرٌ شَيْخُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَعُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ، مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَقَعَ لِي عَالِيًا مِنْ حَدِيثِ الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَحَامِلِيِّ، ﵀، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْهُ.

1 / 1

١ - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّصَّاصُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ﵁، عَلَى الْمِنْبَرِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِعَامٍ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ فِينَا عَامَ أَوَّلَ فَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يُعْطَ النَّاسُ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنَ الْعَافِيَةِ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ، فَإِنَّهُمَا يَهْدِيَانِ إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ وَالْفُجُورَ، فَإِنَّهُمَا يَهْدِيَانِ إِلَى النَّارِ»

1 / 2

٢ - قَالَ: وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ طُلَيْقِ بْنِ قَيْسٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَدْعُو: «رَبِّ أَعِنِّي وَلا تُعِنْ عَلَيَّ، وَانْصُرْنِي وَلا تَنْصُرْ عَلَيَّ، وَامْكُرْ لِي وَلا تَمْكُرْ عَلَيَّ، وَيَسِّرْ لِيَ الْهُدَى، وَانْصُرْنِي عَلَى مَنْ بَغَى عَلَيَّ، رَبِّ اجْعَلْنِي لَكَ شَكَّارًا، لَكَ ذَكَّارًا، لَكَ رَهَّابًا، لَكَ مِطْوَاعًا، إِلَيْكَ مُخْبِتًا، لَكَ أَوَّاهًا مُنِيبًا، رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي، وَاهْدِ قَلْبِي، وَسَدِّدْ لِسَانِي، وَاسْلُلْ سَخِيمَةَ قَلْبِي»

1 / 3

٣ - وَنا سُفْيَانُ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁، قَالَ: قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَجْعَلْ لَنَا الصَّفَا ذَهَبًا، فَإِنْ أَصْبَحَ لَنَا ذَهَبًا اتَّبَعْنَاكَ. فَأَتَه جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامُ، وَيَقُولُ: «إِنْ شِئْتَ أَصْبَحَ لَهُمُ الصَّفَا ذَهَبًا، فَمَنْ كَفَرَ بَعْدُ مِنْهُمْ عَذَّبْتُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ، وَإِنْ شِئْتَ فَتَحْتُ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ». قَالَ: يَا رَبِّ بَابَ التَّوْبَةِ وَالرَّحْمَةِ

1 / 4

٤ - حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْغَزَّالُ، ﵀، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، فِي الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، ثنا أَبُو عَبْدٍ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْحَسَنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلا وَمَعَهُ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ، وَقَرِينُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ» قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلا يَأْمُرُنِي إِلا بِخَيْرٍ»

1 / 5

٥ - قَالَ: وَذَكَرَ سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ السَّلْمَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اقْرَأْ». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ الْقُرْآنُ. قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى إِذَا انْتَهَيْتُ إِلَى هَذِهِ الآيَةِ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١]. قَالَ: «حَسْبُكَ الآنَ». فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ

1 / 6

٦ - قَالَ: وَذَكَرَ سُفْيَانُ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الْكَاتِبِ الأُسَيْدِيِّ، ﵁، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، فَذَكَّرَنَا الْجَنَّةَ وَالنَّارَ كَأَنَّا رَأَيُ عَيْنٍ، فَقُمْتُ إِلَى أَهْلِي فَضَحِكْتُ، وَلَعِبْتُ، فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ يُذَكِّرُنَا بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَقُمْتُ إِلَى أَهْلِي فَضَحِكْتُ وَلَعِبْتُ. فَقَالَ: إِنَّا لَنَفْعَلُ ذَلِكَ. فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ كَأَنَّا رَأْيُ عَيْنٍ، فَقُمْتُ إِلَى أَهْلِي فَضَحِكْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «سَاعَةً وَسَاعَةً، لَوْ كُنْتُمْ تَكُونُونَ كَمَا تَكُونُونَ عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلائِكَةُ فِي بُيُوتِكُمْ أَوْ عَلَى فُرُشِكُمْ» الأَحَادِيثُ السِّتَّةُ بَعْضُهَا مَشَاهِيرُ وَبَعْضُهَا صِحَاحٌ، أَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَحَدِيثُهُ عَنْ عَبْدِ بْنِ الْحَارِثِ، فَمَشْهُورَانِ سَنَدًا وَمَتْنًا. وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ أَبِي الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵁، مَشْهُورٌ أَيْضًا، وَحَدِيثُ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الأَشْجَعِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي الْجَعْدِ رَافِعٍ الأَشْجَعِيِّ الْغَطْفَانِيِّ الْقَارِئِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁، صَحِيحٌ مِنْ مَفَارِيدِ مُسْلِمٍ، أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِهِ، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْهُ. وَمَنْصُورٌ هُوَ ابْنُ الْمُعْتَمِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ الْكُوفِيُّ، وَحَديِثُ عُبَيْدَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ أَبِي مُسْلِمٍ السَّلْمَانِيِّ، وَسَلْمَانُ بِسُكُونِ اللامِ بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁، صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ مُخَرِّجِي الصَّحِيحَيْنِ، أَمَّا الْبُخَارِيُّ، فَرَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ. وَمُسْلِمٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاءِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، كِلاهُمَا، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ أَبِي عِمْرَانَ النَّخَعِيِّ، عَنْهُ. وَحَدِيثُ أَبِي عُثْمَانَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَلٍّ الْبَصْرِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ الرَّبِيعِ، بِفَتْحِ الرَّاءِ، وَيُقَالُ: الرُّبَيْعُ، وَلَيْسَ بِثَبْتٍ الأُسَيْدِيُّ التَّمِيمِيُّ، وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ النَّبِيِّ ﷺ وَرَسُولِهِ إِلَى أَهْلِ الطَّائِفِ، وَكَانَ يَسْكُنُ الْكُوفَةَ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى قرة قِيسِيَا، وَسَكَنَهَا، وَقَالَ: لا أُقِيمُ بِبَلْدَةٍ يُشْتَمُ فِيهَا عُثْمَانُ ﵁، صَحِيحٌ خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ أَبِي مَسْعُودٍ الْجُرَيْرِيِّ الْبَصْرِيِّ، عَنْهُ، وَحَنْظَلَةَ ﵁، مِنْ وَلَدِ أُسَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، قَالَ اللُّغَوِيُّونَ: النِّسْبَةُ إِلَى أُسَيْدٍ أُسَيْدِيٌّ بِالتَّسْكِينِ، اسْتِثْقَالا لِكَثْرَةِ الْكَسْرَاتِ، وَضُبِطَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ الْحَافِظِ، ﵀ الأَسِيدِيُّ بِفَتْحِ الأَلْفِ وَكَسْرِ السِّينِ

1 / 7

٧ - حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ الْقَارِئُ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا صَاحِبَ لَيْلٍ وَتَهَجُّدٍ، ﵀، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، فِي ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُرْدِيُّ التَّاجِرُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ أَبُو جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى ﵁، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: «أُرِيتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ، أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ هَذِهِ أَنِّي قَدْ هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَرَأَيْتُ أَيْضًا بَقَرًا وَاللَّهِ تُنْحَرُ فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ، وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي أَتَانَا اللَّهُ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ». هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسِ بْنِ سُلَيْمِ بْنِ حَضَّارِ بْنِ حَرْبِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عِتْرِ بْنِ وَائِلِ بْنِ نَاجِيَةَ الأَشْعَرِ الأَشْعَرِيِّ ﵁، قَارِئِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّذِي أَثْنَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقَالَ: «لَقَدْ أُوتِيَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ». وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ: أَدْرَكْتُ الْجَاهِلِيَّةَ، فَمَا سَمِعْتُ صَوْتَ صَنْجٍ، وَلا بَرْبَطٍ، وَلا مِزْمَارٍ، أَحْسَنَ مِنْ صَوْتِ أَبِي مُوسَى بِالْقُرْآنِ، وَإِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِنَا صَلاةَ الصُّبْحِ فَنَوَدُّ لَوْ قَرَأَ بِالْبَقَرَةِ مِنْ حُسْنِ صَوْتِهِ، وَكَانَ ﵁ قَدِمَ مَكَّةَ، فَأَسْلَمَ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ بِثَلاثٍ، فَقَسَّمَ لَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ، وَلم يُقَسِّمْ لأَحَدٍ لَمْ يَشْهَدِ الْفَتْحَ، وَلِيَ الْبَصْرَةَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَبِي حَفْصٍ، وَأَبِي عَمْرٍو، عُمَرَ، وَعُثْمَانَ ﵄، وَلَهُ بِهَا فُتُوحٌ، وَلَهُ بِهَا إِلَى جَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ فِيمَا قَالَهُ أَصْحَابُ التَّوَارِيخِ، فَرَوَيَاهُ جَمِيعًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَلاءِ الْهَمَذَانِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْهُ. وَقَوْلُهُ ﷺ: «ذَهَبَ وَهَلِي». أَيْ وَهْمِي، يُقَالُ: وَهَلَ الرَّجُلُ يَهِلُ إِذَا وَهِمَ الشَّيْءَ. وَقَوْلُهُ: «رَأَيْت فِيهَا أَيْضًا بَقَرًا وَاللَّهِ تُنْحَرُ». كَذَلِكَ كَانَ فِي مُتَّصِلِ سَمَاعِي، بِخَطِّ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْحَافِظِ، وَالْمَحْفُوظُ الصَّحِيحُ الْمُخَرَّجُ فِي الْكِتَابَيْنِ «بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ»

1 / 8

٨ - قَالَ: وَثنا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رَفَقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ، وَمِنْهُمْ حَكَمَ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ». أَوْ قَالَ: " الْغَدُ، وَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ ". وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُعْفِيُّ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ الْقُشَيْرِيُّ، فَأَتَيَا بِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ

1 / 9

٩ - حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو الْحُسَيْنِ الْعَابِدُ، ﵀، ثنا أَبُو الْفَرَجِ عُثْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ، ثنا أَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَافِظُ الْمَدِينِيُّ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَطِيَّةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، ثنا بَقِيَّةُ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَأَلَ جِبْرِيلَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾ [الزمر: ٦٨]. قَالَ: «مَنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يَشَأِ اللَّهُ أَنْ يَصْعَقَهُمْ؟» قَالَ: هُمُ الشُّهَدَاءُ ثَنِيَّةُ اللَّهِ ﷿ مُتَقَلِّدِينَ أَسْيَافَهُمْ حَوْلَ الْعَرْشِ، تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ بِنَجَائِبَ مِنْ يَاقُوتٍ أَزِمَّتُهَا الدُّرُّ الأَبْيَضُ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ الذَّهَبِ، أَغْشِيَتُهَا مِنْ السُّنْدُسُ وَالإِسْتَبْرَقُ، مَدُّ خُطَاهَا مَدُّ أَبْصَارِ الرِّحَالِ، يَسِيرُونَ فِي الْجَنَّةِ بِخُيُولٍ يَقُولُونَ عِنْدَ طُولِ النُّزْهَةِ: انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى رَبِّنَا ﷿ لِنَنْظُرَ إِلَيْهِ كَيْفَ يَقْضِي بَيْنَ خَلْقِهِ؟ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ، وَإِنَّهُ إِذَا ضَحِكَ إِلَى عَبْدٍ فِي مَوْطِنٍ فَلا حِسَابَ عَلَيْهِ ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الْمَتْنِ غَرِيبُ الإِسْنَادِ، لا أَعْرِفُهُ هَكَذَا إِلا مِنْ حَدِيثِ أَبِي يَحْمَدَ بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ صَائِدٍ حَافِظِ أَهْلِ حِمْصَ، حَدِيثِهِ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ ﵀، وَقَوْلُهُ: «ثَنِيَّةُ اللَّهِ». بِفَتْحِ الثَّاءِ، وَكَسْرِ النُّونِ، وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ، أَيِّ الَّذِينَ اسْتَثْنَاهُمُ اللَّهُ ﷿، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسَّالُ الْحَافِظُ، فِي كِتَابِهِ عَنْ عَبْدَانَ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُصَفَّى، عَنْ بَقِيَّةَ، هَكَذَا

1 / 10

١٠ - حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَسَوَيْهِ التَّاجِرُ، ﵀ قِرَاءَةً عَلَيْهِ، فِي صَفَرَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَحْمَدَ الْقَاضِي، ثنا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْقِلٍ الْمَيْدَانِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنبا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَائِشَةَ لأُمِّهَا، أَنَّ عَائِشَةَ ﵂، حُدِّثَتْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ ﵁، قَالَ فِي بَيْعٍ وَعَطَاءٍ أَعْطَتْهُ: " وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ كَلِمَةً أَبَدًا ". قَالَ: فَاسْتَشْفَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ عَلَيْهَا حِينَ طَالَتْ هِجْرَتُهَا إِيَّاهُ، فَقَالَتْ: «وَاللَّهِ لا أُشَفِّعُ فِيهِ أَحَدًا أَبَدًا وَلا أَتَحَنَّثُ فِي نَذْرِي الَّذِي نَذَرْتُ». فَلَمَّا طَالَ ذَلكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، فَقَالَ لَهُمَا: «أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ إِلا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي». قَالَ: فَأَقْبَلَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ قَدِ اشْتَمَلا عَلَيْهِ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالا: السَّلامُ عَلَى النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، أَنَدْخُلُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «ادْخُلُوا». فَقَالا: أَكُلُّنَا يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: «نَعَمْ، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ». وَلا تَعْلَمُ عَائِشَةُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ. فَلَمَّا دَخَلُوا اقْتَحَمَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ، فَدَخَلَ إِلَى عَائِشَةَ، فَاعْتَنَقَهَا وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ الْمِسْوَرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ، يُنَاشِدَانِ عَائِشَةَ أَلا كَلَّمْتِيهِ وَقَبِلْتِ مِنْهُ، وَيَقُولانِ لَهَا: إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَمَّا عَلِمْتِ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّهُ لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، فَلَمَّا أَكْثَرَا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحَرُّجِ، طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمْ وَتَبْكِي، وَتَقُولُ: «إِنِّي قَدْ نَذَرْتُ وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ». فَلَمْ يَزَالا بِهَا حَتَّى كَلَّمَتِ ابْنَ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ أَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، ثُمَّ كَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا ذَلِكَ بَعْدَمَا أَعْتَقَتْ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً فَتَبْكِي حَتَّى تَبِلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا. وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ، مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْحَكَمِ بْنِ نَافِعٍ الْحِمْصِيِّ الْبَهْرَانِيِّ، مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ امْرَأَةٍ مِنْ بَهْرَاءَ، عَنْ شُعَيْبِ بْنِ دِينَارٍ أَبِي بِشْرِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ الأُمَوِيِّ الْحِمْصِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ الزُّهْرِيِّ هَذَا

1 / 11

١١ - حَدَّثَنَا أَبُو نَصْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَكِيلُ، هَذَا، ثنا أَبُو بَكْرٍ الْحِيرِيُّ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْمَيْدَانِيُّ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ ﵄، أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ رَكِبَ حِمَارًا عَلَيْهِ إِكَافٌ تَحْتَهُ قَطِيفَةٌ فَدَكِيَّةٌ، وَأَرْدَفَ وَرَاءَهُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَهُوَ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، وَذَلِكَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلاطُ الْمُسْلِمِينَ، وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، وَالْيَهُودِ، وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: لا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا. فَسَلَّمَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ وَقَفَ، وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ ﷿، وَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ: أَيُّهَا الْمَرْءُ لا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ حَقًّا، فَلا تُؤْذِنَا فِي مَجَالِسِنَا وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ، فَمَنْ جَاءَكَ مِنَّا فَاقْصُصْ عَلَيْهِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: أَغْشِنَا فِي مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ. فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَتَوَاثَبُوا فَلَمْ يَزَلِ النَّبِيُّ ﷺ يُخَفِّضُهُمْ، ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ: «أَيْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ إِلَى مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ؟». يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ. قَالَ: كَذَا وَكَذَا. قَالَ: اعْفُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَوَاللَّهِ لَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي أَعْطَاكَ، وَلَقَدْ أَصْبَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ بِالْعِصَابَةِ، فَلَمَّا رَدَّ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِي أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ فَذَلِكَ فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ، فَعَفَا عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ. وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ النَّاقِدَيْنِ شَيْخَيْ أَهْلِ الصَّنْعَةِ: أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، وَأَبِي الْحُسَيْنِ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ، مُخَرَّجٌ فِي كِتَابَيْهِمَا الْمَعْرُوفَيْنِ فِي دِيَارِ الْمُسْلِمِينَ مَشْرِقًا وَمَغْرِبًا، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ عِنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ يُونُسَ، وَأَبِي الْيَمَانِ، عَنْ شُعَيْبٍ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عَقِيلٍ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ، عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ هِشَامِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ مَعْمَرٍ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَقَوْلُهُ: لَقَدْ أَصْبَحَ أَهْلُ الْبُحَيْرَةِ. كَذَا فِي نُسْخَةِ سَمَاعِي، وَفِي الْكِتَابَيْنِ: لَقَدِ اصْطَلَحَ أَهْلُ هَذِهِ الْبُحَيْرَةِ. وَالْبُحَيْرَةُ تَصْغِيرُ الْبَحْرَةِ، وَالْبَحْرَةُ الْبَلْدَةُ، أَرَادَ بِذَلِكَ: مَدِينَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَوْلُهُ: يُعَصِّبُوهُ، أَيْ: يَشُدُّوا عِصَابَةَ الرِّيَاسَةِ عَلَى رَأْسِهِ وَيَجْعَلُوهُ رَئِيسًا. وَقَوْلُهُ: شَرِقَ بِذَلِكَ، يُقَالُ: شَرِقَ بِالْمَاءِ أَيْ: غَصَّ بِهِ شَرِقًا. وَالْعَجَاجَةُ: الْغُبَارُ. وَالْقَطِيفَةُ: الْكِسَاءُ. وَقَوْلُهُ: لا أَحْسَنُ مِنْ هَذَا، أَيْ: لَيْسَ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا. وَمَعْنَاهُ أَيْ: أَنَّ مَا تَقُولُ حَسَنٌ جِدًّا. تَقُولُ ذَلِكَ: أَنَشْهَدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَفِي الصَّحِيحِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ

1 / 12

١٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ سَسَوَيْهِ، مِنْ بَابَ كُوشَكَ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَعْقِلِيُّ الْمَيْدَانِيُّ، مِنْ مَيْدَانِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ الْقَارِي، أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵁، يَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِشَامِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَهُوَ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَاسْتَمَعْتُ قِرَاءَتَهُ، فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَكِدْتُ أَنْ أُسَاوِرَهُ فِي الصَّلاةِ، يَعْنِي أُخَاصِمُهُ، فَنَظَرْتُ حَتَّى سَلَّمَ فَلَمَّا سَلَّمَ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي أَسْمَعُكَ تَقْرَؤُهَا؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. قَالَ: قُلْتُ له: كَذَبْتَ، فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَهُوَ أَقْرَأَنِي هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي تَقْرَؤُهَا. قَالَ: فَانْطَلَقْتُ أَقُودُهُ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا، وَأَنْتَ أَقْرَأْتَنِي سُورَةَ الْفُرْقَانِ. فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ». فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ». فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقَرَّأنِي النَّبِيُّ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا أُنْزِلَتْ». ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ». هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَالْحَاكِمُ عَلَى صِحَّتِهِ مُحَمَّدٌ، وَمُسْلِمٌ، جَمِيعًا، وَأَخْرَجَاهُ فِي كِتَابَيْهِمَا، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ كِلاهُمَا، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَقِيلٍ، وَمُسْلِمٍ رَوَاهُ عَنْ حَرْمَلَةَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ. . . . . يُونُسَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، ثَلاثَتُهُمْ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَارِيُّ الْمَدَنِيُّ، بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ مِنْ بَنِي قَارَّةَ، عَامِلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ عَلَى بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، صَحَابِيٍّ حَكَمَ بِصُحْبَتِهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْوَاقِدِيِّ، وَالأَشْهَرُ بَيْنَ الْحُفَّاظِ أَنَّهُ تَابِعِيٌّ، سَمِعَ عُمَرَ، وَأَبَا أَيُّوبَ، وَأَبَا طَلْحَةَ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ، ﵃، وَالْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ، صَحَابِيٌّ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ، ابْنُ أُخْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ، وُلِدَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ، وَقَدِمَ بِهِ الْمَدِينَةَ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَهُوَ ابْنُ سِتِّ سِنِينَ، وَتُوُفِّيَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ ﵁، وَمَاتَ ﵁ بِمَكَّةَ حِينَ أَصَابَهُ حَجَرُ الْمَنْجَنِيقِ، وَكَانَ يُصَلِّي فِي الْحِجْرِ وَصَلَّى عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَدَفَنَهُ بِالْحَجُونِ

1 / 13

١٣ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الأَبْهَرِيُّ الْمُعَلِّمُ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ الْبُرْدِيُّ، ثنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا أَبُو الْبَخْتَرِيِّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شَاكِرٍ، ثنا أَبُو أُسَامَةَ حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، ثنا الأَعْمَشُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أَبِي مُوسَى ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «مَا مِنْ أَحَدٍ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ ﷿، إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ كَذَلِكَ يَرْزُقُهُمْ، وَيُطْعِمُهُمْ، وَيُعَافِيهِمْ». صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُفْيَانَ، وَمُسْلِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ أَبِي قُدَامَةَ السَّرْخَسِيِّ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ، اجْتَمَعَ فِي هَذَا الإِسْنَادِ ثَلاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ، فَإِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حَبِيبٍ السُّلَمِيَّ، تَابِعِيٌّ كُوفِيٌّ سَمِعَ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ: عُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو مُوسَى، ﵃. وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ هِشَامٍ الأَسَدِيُّ، كُوفِيٌّ تَابِعِيٌّ رَوَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهُمُ: ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَنَسٌ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَأَبُو مَسْعُودٍ الْبَدْرِيُّ، ﵃. وَالأَعْمَشُ هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الدَّنَبَاوَنْدِيُّ الأَصْلِ الْكُوفِيُّ الْمَسْكَنِ، مَوْلَى بَنِي كَاهِلٍ، أَدْرَكَ أَيَّامَ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، تُوُفِّيَ ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَالأَعْمَشُ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيُّ، مِنْ بَنِي سُلَمَةَ، وَالأَعْمَشُ قُرْبَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَالأَعْمَشُ ابْنُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَالأَعْمَشُ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَأَبُو حَمْزَةَ أَنَسٌ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَعَلْقَمَةُ بْنُ خَالِدٍ الشَّجَرِيُّ، فِيمَا قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: رَأَى أَنَسًا يُمْلِي وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، فَرَوَى عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى مُرْسَلا، مَوْلِدُهُ عَامَ قَتْلِ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵄، وَالْحَدِيثُ وَقَعَ لِي عَالِيًا كَأَنِّي سَمِعْتُهُ مِنْ أَصْحَابِ أَصْحَابِهِمَا رَحِمَهُمَا اللَّهُ، أَعْنِي البخاري وَمُسْلِمًا، رَحِمَهُمَا الله

1 / 14

١٤ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ جُولَةَ، هَذَا، ثنا الْجُرْجَانِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مَلاسٍ الدِّمَشْقِيُّ، ثنا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، ثنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، ثنا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: أُصِيبَ حَارِثَةُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَلِمْتَ مَنْزِلَةَ حَارِثَةَ مِنِّي فَإِنْ يَكُ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ، وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ تَرَى مَا أَصْنَعُ؟ فَقَالَ: «جَنَّةً وَاحِدَةً، إِنَّهَا جِنَانٌ كَثِيرَةٌ، وَإِنَّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الأَعْلَى». وَهَذَا أَيْضًا صَحِيحٌ مَشْهُورٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، وَأَبُو حُمَيْدٍ مُخْتَلَفٌ فِي اسْمِهِ الْبَصْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ ﵁، أَخْرَجَهُ البخاري، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْمُسْنَدِيِّ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي عَمْرِو مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمْرٍو الْكُوفِيِّ الأَصْلِ الْبَغْدَادِيِّ المقر، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَارِثِ الْفَزَارِيِّ الْمِصِّيصِيِّ، عَنْهُ. يُعَدُّ فِي إِفْرَادِ البخاري دُونَ مُسْلِمٍ، رَحِمَهُمَا الله، وَهَذَا أَيْضًا فِي غَايَةِ الْعُلُوِّ كَأَنِّي حَدَّثْتُ عَنِ الْبُخَارِيِّ نَفْسِهِ. وَحَارِثَةُ الْمَقْتُولُ يَوْمَ بَدْرٍ، هُوَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ بْنِ الْحَارِثِ النَّجَّارِيُّ الْأَنْصَارِيُّ، ابْنُ عَمَّةِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵃، رَمَاهُ حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ بِسَهْمٍ فَأَصَابَ حَنْجَرَتَهُ فَقَتَلَهُ، وَهُوَ يَشْرَبُ مِنَ الْحَوْضِ وَكَانَ نَظَّارًا، وَأُمُّهُ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ الأَنْصَارِيَّةُ، أُخْتُ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ، عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، الَّتِي كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا، وَالأَرْشَ فَأَبَوْا، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَجِزْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: «كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ». فَعَفَا الْقَوْمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ مِنْهُمْ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ». وَأَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَخُو الرُّبيِّعِ، عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ﵁ الَّذِي قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ شَهِيدًا، الَّذِي تَغَيَّبَ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ، فَقَالَ: تَغَيَّبْتُ عَنْ أَوَّلِ مَشْهَدٍ شَهِدَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَئِنْ أَشْهَدَنِي اللَّهُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ، فَلَقِيَ يَوْمَ أُحُدٍ فَهَزَمَ النَّاسَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ الْمُسْلِمُونَ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَتَقَدَّمَ بِسَيْفِه فَلَقِيَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: أَيْنَ يَا سَعْدُ إِنِّي أَجِدُ رِيحَ الْجَنَّةِ دُونَ أُحُدٍ. فَمَضَى، فَقُتِلَ، فَمَا عُرِفَ حَتَّى عَرَفَتْهُ أُخْتُهُ الرُّبَيِّعُ بِبَنَانِهِ، وَبِهِ بِضْعٌ وَثَمَانُونَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب: ٢٣] الآيَةَ

1 / 15

١٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ يُونُسَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ أَبِي بَكْرِ بْنِ جُولَةَ الأَبْهَرِيُّ، وَكَانَ يَسْكُنُ مَحَلَّتَنَا جُوبَارَةَ، ﵀، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُرْدِيُّ الْجُرْجَانِيُّ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ حَاجِبُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سُفْيَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَمَّادٍ الْقَارِئُ، ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «تَسَمَّوْا بِاسْمِي، وَلا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي، فَإِنَّمَا جُعِلْتُ قَاسِمًا أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ» رَوَاهُ البخاري، وَمُسْلِمٌ، عَنْ جَمَاعَةٍ يَطُولُ تِعْدَادُهُمْ، مِنْ طَرِيقِ الأَعْمَشِ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ رَافِعٍ الأَشْجَعِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵁

1 / 16

١٦ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ الْمُقْرِئُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمٍ، ﵀، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، فِي رَبِيعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ وَأَرْبَعِ مِائَةٍ، ثنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ شَاذَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ مِهْرَانَ الْبَزَّازُ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْخُرَاسَانِيُّ، بِبَغْدَادَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْجَهْمِ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، ثنا أَبُو جَنَابٍ الْكَلْبِيُّ، ثنا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، يُقَالُ لَهُ طَارِقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ﵁، قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ بِسُوقِ ذِي الْمَجَازِ إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُبَةٌّ لَهُ وَهُوَ يَقُولُ: " يَأَيُّهَا النَّاسُ قُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ تُفْلِحُوا ". وَرَجُلٌ يَتْبَعُهُ يَرْمِيهِ بِالْحِجَارَةِ، وَيَقُولُ: يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ كَذَّابٌ فَلا تُصَدِّقُوهُ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: غُلامُ بَنِي هَاشِمٍ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، ﷺ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِي يَفْعَلُ بِهِ؟ قَالُوا: هَذَا عَمُّهُ عَبْدُ الْعُزَّى. فَلَمَّا أَسْلَمَ النَّاسُ وَهَاجَرُوا، خَرَجْنَا مِنَ الرَّبَذَةِ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ نَمْتَارُ مِنْ تَمْرِهَا. قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ حِيطَانِهَا وَنَخْلِهَا. فَقُلْنَا: لَوْ نَزَلْنَا فَلَبِسْنَا ثِيَابًا غَيْرَ ثِيَابِنَا هَذِهِ. إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فِي طِمْرَيْنِ لَهُ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلَ الْقَوْمُ؟ قُلْنَا: مِنَ الرَّبَذَةِ. قَالَ: فَأَيْنَ تُرِيدُونَ؟ قُلْنَا: نُرِيدُ هَذِهِ الْمَدِينَةَ. قَالَ: مَا حَاجَتُكُمْ فِيهَا؟ قُلْنَا: نَمْتَارُ مِنْ تَمْرِهَا. قَالَ وَمَعَنَا ظَعِينَةٌ لَنَا، وَجَمَلٌ أَحْمَرُ مَخْطُومٌ بِحَبْلٍ، قَالَ: تَبِيعُونِي جَمَلَكُمْ هَذَا؟ قُلْنَا: نَعَمْ، بِكَذَا وَكَذَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ. قَالَ: فَمَا اسْتَوْصَعَنَا مِمَّا قُلْنَا شَيْئًا، فَأَخَذَ بِخِطَامِ الْجَمَلِ وَانْطَلَقَ، فَلَمَّا تَوَارَى عَنَّا بِحِيطَانِ الْمَدِينَةِ وَنَخْلِهَا، قُلْنَا: مَا صَنَعْنَا وَاللَّهِ مَا بِعْنَا جَمَلَنَا مِمَّنْ نَعْرِفُ، وَلا أَخَذْنَا لَهُ ثَمَنًا. قَالَ: تَقُولُ الْمَرْأَةُ الَّتِي مَعَنَا: وَاللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلا كَأَنَّ فِي وَجْهِهِ شَقَّةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَنَا ضَامِنَةٌ مِنْهُ لِثَمَنِ جَمَلِكُمْ. قَالَ: إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَيْكُمْ، هَذَا ثَمَرُكُمْ فَكُلُوا وَاشْبَعُوا، وَاكْتَالُوا وَاسْتَوْفُوا. فَأَكَلْنَا حَتَّى شَبِعْنَا، وَاكْتَلْنَا فَاسْتَوْفَيْنَا، ثُمَّ دَخَلْنَا الْمَدِينَةَ، فَإِذَا هُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ يَخْطُبُ النَّاسَ، فَأَدْرَكْنَا مِنْ خُطْبَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «تَصَدَّقُوا إِنَّ الصَّدَقَةَ خَيْرٌ لَكُمْ، الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، أُمَّكَ، وَأَبَاكَ، وَأُخْتَكَ، وَأَخَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ». إِذْ أَقْبَلَ رَجُلٌ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا فِي هَؤُلاءِ دَمًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. قَالَ: «إِنَّ أُمًّا لا تَجْنِي عَلَى وَلَدٍ». ثَلاثَ مَرَّاتٍ. هَذَا حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي صَخْرَةَ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ الأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ، عَنْ طَارِقِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُحَارِبِيِّ الْكُوفِيِّ ﵁، يُرْوَى عَنْهُ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ، وَهَذِهِ الطَّرِيقُ مِنْ أَغْرَبِهَا. وَأَبُو جَنَابٍ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ حَيٍّ أَبِي حَيَّةَ، كُوفِيٌّ مِنْ حُفَّاظِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَمَحَلُّهُ الصِّدْقُ، إِلا أَنَّهُ يُدَلِّسُ أَحْيَانًا، يَرْوِي عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، وَوَكِيعٌ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الأَئِمَّةِ

1 / 17

١٧ - حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَلِيٍّ، ﵀، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْبَلَدِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ هَرِمٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: خَرَجَ مِنْ عِنْدِي جِبْرِيلُ آنِفًا، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ إِنَّ لِلَّهِ عَبْدًا عَبَدَ اللَّهَ خَمْسَ مِائَةِ سَنَةٍ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ عَرْضُهُ ثَلاثُونَ ذِرَاعًا وَطُولُهُ ثَلاثُونَ ذِرَاعًا فِي ثَلاثِينَ ذِرَاعًا، وَالْبَحْرُ مُحِيطٌ بِهِ أَرْبَعَةَ آلافِ فَرْسَخٍ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَأَخْرَجَ اللَّهُ لَهُ عَيْنًا عَذْبَةً بِعَرْضِ الأُصْبُعِ تَبِضُّ بِمَاءٍ عَذْبٍ فَيَسْتَنْقِعُ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَشَجَرَةِ رُمَّانٍ تُخْرِجُ لَهُ كُلَّ يَوْمٍ رُمَّانَةً، فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ مِنَ الْوَضُوءِ، ثُمَّ أَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا فَتُغَذِّيهِ يَوْمَهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى صَلاتِهِ فَسَأَلَ رَبَّهُ ﷿ عِنْدَ وَقْتِ الأَجَلِ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِدًا، وَأَنْ لا يَجْعَلَ لِلأَرْضِ وَلا لِشَيْءٍ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ثُمَّ يَبْعَثُهُ اللَّهُ وَهُوَ سَاجِدٌ. فَفَعَلَ، فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إِذَا هَبَطْنَا، وَإِذَا عَرَجْنَا، فَنَجِدُهُ فِي الْعِلْمِ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ﷿، فَيَقُولُ الرَّبُّ ﷿: «أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي». فَيَقُولُ: بَلْ بِعَمَلِي. فَيَقُولُ: «أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي». فَيَقُولُ: بَلْ بِعَمَلِي. فَيَقُولُ الرَّبُّ ﷿: «أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي». فَيَقُولُ: بَلْ بِعَمَلِي. فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْمَلائِكَةِ: «قَايِسُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَعَمَلِهِ». فَتُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ، وَبَقِيَتْ نِعَمُ الْجَسَدِ فَضْلا عَلَيْهِ. فَيَقُولُ: «أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ». قَالَ: فَيُنَادِي: رَبِّ بِرَحْمَتِكَ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ. فَيَقُولُ: «رُدُّوهُ». فَيُرَدُّ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَيَقُولُ: «عَبْدِي مَنْ خَلَقَكَ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا؟» فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: «أَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِكَ أَمْ بِرَحْمَتِي؟» فَيَقُولُ: بَلْ بِرَحْمَتِكَ. فَيَقُولُ: «مَنْ قَوَّاكَ لِعِبَادَةِ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ؟» فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ. فَيَقُولُ: «مَنْ أَثْبَتَ لَكَ جَبَلا وَسْطَ اللُجَّةِ، وَأَخْرَجَ الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنَ الْمَاءِ الْمَالِحِ، وَأَخْرَجَ لَكَ كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، وَسَأَلْتَنِي أَنْ أَقْبِضَكَ سَاجِدًا فَفَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ؟». فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ. قَالَ: «ذَلِكَ بِرَحْمَتِي، وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ، أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْتَ يَا عَبْدِي». فَتُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ، وَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا الأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ الله يَا مُحَمَّدُ. وَهَذَا أَيْضًا حَدِيثٌ مَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ هَرِمٍ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ التَّيْمِيِّ الْقُرَشِيِّ الْمَدَنِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ السُّلَمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ الْمَدَنِيِّ ﵁، وَعَنْ وَالِدِهِ. لا يَعْرِفُ لَهُ مَخْرَجًا إِلا هَكَذَا، وَأَبُو صَالِحٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، هُوَ الْجُهَنِيُّ مَوْلاهُمُ الْمِصْرِيُّ، يُقَالُ لَهُ: كَاتِبُ اللَّيْثِ، مِنْ حُفَّاظِ الْمِصْرِيِّينَ رَوَى عَنْهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلامٍ، وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ، وَغَيْرُهُمْ مِنَ الأَئِمَّةِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ أَبُو الْحَارِثِ الْفَهْمِيُّ الْمِصْرِيُّ، يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ هَرِمٍ الْمَدَنِيِّ، هَذَا، وَالْحُفَّاظُ يَرْوِي هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، كَاتِبِ اللَّيْثِ، هَذَا، مِنْهُمْ: أَبُو سَعِيدٍ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِنَيْسَابُورَ، فِي الأَصْلِ صَوَابُهُ بِهَرَاةَ بِخَطِّ الْحَافِظِ

1 / 18

١٨ - حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْمُقْرِئِ الظَّافِرِيُّ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثنا أَبُو عَلِيِّ بْنُ مِهْرَانَ، ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ الزِّبْرِقَانُ، أنبا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ، أنبا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ﵁، قَالَ: " كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ وَكَانَ مُعْتَزِلا فِي كَهْفٍ. قَالَ: فَكَأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أُعْجِبُوا بِعِبَادَتِهِ، فَبَيْنَا هُمْ عِنْدَ نَبِيٍّ لَهُمْ إِذْ ذَكَرُوهُ، فَأَثْنَوْا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﵊: إِنَّهُ لَكَمَا تَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُ تَارِكٌ لِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ: فَنُقِلَ ذَلِكَ إِلَى الْعَابِدِ. فَقَالَ: عَلَى مَا آذَيْتُ نَفْسِي، وَأَتْعَبْتُهُا أَصُومُ النَّهَارَ، وَأَقُومُ اللَّيْلَ، وَأَنَا تَارِكٌ لِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ. قَالَ: فَهَبَطَ مِنْ مَكَانِهِ. قَالَ: وَأَتَى النَّبِيَّ ﵊ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ لا يَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ وَيَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ. فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّه إِنَّهُ بَلَغَنِي لأَنِّي ذُكِرْتُ عِنْدَكَ بِخَيْرٍ، فَقُلْتَ: إِنَّهُ لَكَمَا تَقُولُونَ لَوْلا أَنَّهُ تَارِكٌ لِشَيْءٍ مِنَ السُّنَّةِ، فَإِنْ كُنْتُ تَارِكًا فَعَلَى مَا آذَيْتُ نَفْسِي، أَصُومُ النَّهَارَ، وَأَقُومُ اللَّيْلَ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: أَنْتَ فُلانٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: مَا هُوَ شَيْءٌ أَحْدَثْتَهُ فِي الإِسْلامِ إِلا أَنَّكَ لا تتَزَوَّجُ. قَالَ لَهُ الْعَابِدُ: وَمَا هُوَ إِلا هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَكَأَنَّ الْعَابِدَ اسْتَخَفَّ بِذَلِكَ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ ﷺ ذَاكَ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ فَعَلَ النَّاسُ مِثْلَ مَا فَعَلْتَ مِنْ أَيْنَ يَكُونُ النَّسْلُ؟ مَنْ كَانَ يَنْفِي الْعَدُوَّ عَنْ ذَرَارِيِّ الْمُسْلِمِينَ؟ مَنْ كَانَ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ وَمَنْ كَانَ يَجْمَعُ فِي الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: فَعَرَفَ الْعَابِدُ مَا قَالَ. قَالَ: فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هُوَ مَا قُلْتَ، فَإِنِّي إِنْ أَكُنْ أُحْرَمُهُ، وَلَكِنِّي أُخْبِرُكَ عَنِّي أَنَا رَجُلٌ فَقِيرٌ، وَأَنَا كَلٌّ عَلَى النَّاسِ، وَهُمْ يُطْعِمُونِي، وَيُلْبِسُونِي، لَيْسَ لِي مَالٌ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ أَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَأَعُقَّهَا، وَلَيْسَ عِنْدِي مَا أُنْفِقُ عَلَيْهَا، وَأَمَّا الأَغْنِيَاءُ فَلا يُزَوِّجُونِي. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَا بِكَ إِلا ذَاكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ النَّبِيُّ: فَأَنَا أُزَوِّجُكَ ابْنَتِي. قَالَ: وَتَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: قَدْ قَبِلْتُ. قَالَ: فَزَوَّجَهُ ابْنَتَهُ قَالَ: فَدَخَلَ بِهَا فَوَلَدَتْ لَهُ غُلامًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللَّهِ مَا وُلِدَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مَوْلُودٌ كَانُوا أَشَدَّ بِهِ فَرَحًا مِنْهُمْ بِذَاكَ الْغُلامِ. قَالُوا: ابْنُ عَابِدِنَا، وَابْنُ نَبِيِّنَا، إِنَّا لَنَرْجُو أَنْ يَبْلُغَ بِهِ مَا بَلَغَ بِرَجُلٍ مِنَّا. قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ الْغُلامُ انْقَطَعَ إِلَى عِبَادَةِ الأَوْثَانِ. قَالَ: فَتَبِعَهُ فِئَامٌ مِنْهُمْ كَثِيرٌ، فَلَمَّا رَأَى كَثْرَتَهُمْ، قَالَ لَهُمْ: إِنِّي أَرَاكُمْ كَثِيرًا وَأَرَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ غَالِبِينَ لَكُمْ فَمِمَّ ذَاكَ؟ قَالُوا: نُخْبِرُكَ، لَهُمْ رَأْسٌ وَلَيْسَ لَنَا رَأْسٌ. قَالَ: وَمَنْ رَأْسُهُمْ؟ قَالُوا جَدُّكَ. قَالَ: فَأَنَا رَأْسُكُمْ. قَالُوا: تَفْعَلُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَخَرَجَ، وَخَرَجَ مَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ. قَالَ: فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جَدُّهُ وَأَبُوهُ: أَنِ اتَّقِ اللَّهَ، خَرَجْتَ عَلَيْنَا تَعْبُدُ الأَوْثَانَ، وَتَرَكْتَ الإِسْلامَ، وَأَخَذْتَ فِي دِينٍ غَيْرِهِ. فَأَبَى. فَخَرَجَ النَّبِيُّ ﷺ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُوهُ فَدَعُوهُ، فَأَبَى، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا الْيَوْمَ الثَّانِيَ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، فَقُتِلَ النَّبِيُّ، وَقُتِلَ أَبَاهُ، وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فِي صبط الأَرْضِ، وَاسْتَوْسَقَ لَهُ النَّاسُ. قَالَ: فَجَعَلَتْ نَفْسُهُ لا تَدَعُهُ حَتَّى يَتْبَعَ الْمُسْلِمِينَ وَيَقْتُلَهُمْ فِي الْجِبَالِ. قَالَ: فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ، فَقَالُوا قَدْ خَلَّيْنَا لَهُ الْمُلْكَ وَهُوَ يَتْبَعُنَا وَيَقْتُلُنَا، وَانْهَزَمْنَا عَنْ نَبِيِّنَا، وَعَابِدِنَا حَتَّى قُتِلا، وَلَيْسَ يَدَعُنَا أَوْ يَقْتُلُنَا، فَتَعَالَوْا نَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا فَنُقْتَلُ وَنَحْنُ تَائِبُونَ، فَتَابُوا إِلَى اللَّهِ، وَوَلَّوْا رَجُلا مِنْهُمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهِ فَاقْتَتَلُوا لأَوَّلِ يَوْمٍ حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ، ثُمَّ عَادُوا فَاقْتَتَلُوا حَتَّى حَجَزَ بَيْنَهُمُ اللَّيْلُ وَكَثُرَ الْقَتْلُ بَيْنَهُمْ، وَعَدُّوا الْيَوْمَ الثَّالِثَ فَاقْتَتَلُوا فَلَمَّا عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمُ الصِّدْقَ، وَأَنَّهُمْ قَدْ تَابُوا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَأَقْبَلَتِ الرِّيحُ لَهُمْ، فَقَالَ صَاحِبُهُمْ: إِنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ قَدْ تَابَ عَلَيْنَا وَقَبِلَ مِنَّا، إِنِّي أَرَى الرِّيحَ قَدْ أَقْبَلَتْ مَعَنَا، وَأَنَّ نُصْرَتَنَا بَدَتْ، فَإِنِ اسْتَطْعَتْم أَنْ تَأْخُذُوهُ سِلْمًا وَلا تَقْتُلُوهُ. قَالَ: وَأَنْزَلَ اللَّهُ النَّصْرَ عَلَيْهِمْ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَهَزَمُوهُمْ، وَأَخَذُوهُ أَسِيرًا، وَمَكَّنَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ فِي الأَرْضِ، وَظَهَرَ الإِسْلامُ. قَالَ: فَجَمَعَ رَأْسُ الْمُسْلِمِينَ خِيَارَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِي هَذَا؟ بَدَّلَ دِينَهُ، وَدَخَلَ مَعَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ فِي ديِنِهِمْ، وَقَتَلَ نَبِيَّنَا جَدَّهُ، وَقَتَلَ أَبَاهُ، فَقَائِلٌ يَقُولُ: أَحْرِقْهُ بِالنَّارِ. قَالَ: وَيَمُوتُ فَيَذْهَبُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: قَطِّعْهُ. قَالَ: فَقَالَ: إِنَّهُ يَمُوتُ فَيَذْهَبُ. قَالُوا: أَنْتَ أَعْلَمُ اصْنَعْ بِهِ مَا شِئْتَ. قَالَ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ أَصْلِبَهُ حَيًّا، ثُمَّ أَدَعَهُ حَتَّى يَمُوتَ. قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِ، صَلَبَهُ حَيًّا، وَجَعَلَ عَلَيْهِ الْحَرَسَ، وَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَجَعَلُوا لا يُطْعِمُونَهُ، وَلا يَسْقُونَهُ، فَمَكَثَ أَوَّلَ يَوْمٍ، وَالثَّانِيَ، وَالثَّالِثَ، فَلَمَّا كَانَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَصَابَ الْجَهْدُ الرَّجُلَ فَعَمَدَ إِلَى أَوْثَانِهِ الَّتِي كَانَ يَعْبُدُهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ، فَجَعَلَ يَدْعُو صَنَمًا صَنَمًا مِنْهَا، فَإِذَا رَآهُ لا يُجِيبُهُ تَرَكَهُ وَدَعَا الآخَرَ حَتَّى دَعَاهَا كُلَّهَا، فَلَمَّا لَمْ تُجِبْهُ، قَالَ وَجُهِدَ: اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ جَهَدْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ الآلِهَةَ الَّتِي كُنْتُ أَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَلَمْ تُجِبْنِي، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهَا خَيْرٌ لأَجَابَتْنِي، وَأَنَا تَائِبٌ إِلَيْكِ إِلَهَ جَدِّي وَأَبِي فَخَلِّصْنِي مِمَّا أَنَا فِيهِ، فَإِنِّي قَدْ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: فَتَحَلَّلَتْ عَنْهُ عُقْدَةٌ فَإِذَا هُوَ بِالأَرْضِ، فَأُخِذَ، فَأُتِيَ بِهِ صَاحِبَهُمْ، فَقَالَ: مَا تَرَوْنَ فِيهِ؟ قَالُوا: وَمَا تَرَى فِيهِ؟ اللَّهُ يُخَلِّي عَنْهُ، وَتَسْأَلُنَا مَا نَرَى فِيهِ؟ قَالَ: صَدَقْتُمْ، فَخَلُّوا عَنْهُ. قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَوَاللَّهِ مَا كَانَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ بَعْدُ رَجُلٌ خَيْرٌ مِنْهُ ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنُ الإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ، غَرِيبٌ لا أَعْلَمُ أَنِّي سَمِعْتُهُ إِلا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي أَخْرَجْنَاهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ

1 / 19

١٩ - حَدَّثَنَا الشَّيْخُ أَبُو الْحُسَيْنِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ حَفْصِ بْنِ الْفَضْلِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ذَكْوَانَ، ﵀، قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى الْحَافِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، ثنا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَقْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ ﵄: إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى الَّذِي ذَهَبَ يَلْتَمِسُ الْعِلْمَ، فَلَيْسَ هُوَ مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ: أَسَمِعْتَهُ يَا سَعِيدُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: كَذَبَ نَوْفٌ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، ﵁ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، يَقُولُ: بَيْنَمَا أَتَى مُوسَى فِي قَوْمِهِ يُذَكِّرُهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ، وَأَيَّامُ اللَّهِ نَعْمَاؤُهُ وَبَلاؤُهُ، إِذْ قَالَ: مَا أَعْلَمُ فِي الأَرْضِ رَجُلا خَيْرًا أَوْ أَعْلَمَ مِنِّي. قَالَ: فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: «إِنِّي أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ هُوَ، إِنَّ فِي الأَرْضِ رَجُلا هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ». قَالَ: يَا رَبِّ دُلَّنِي عَلَيْهِ، قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: تَزَوَّدْ حُوتًا مَالِحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ تَفْقِدُ الْحُوتَ. قَالَ: فَانْطَلَقَ هُوَ وَفَتَاهُ حَتَّى انْتَهَيَا إِلَى صَخْرَةٍ، فَعُمِّيَ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ فَتَاهُ، فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمَاءِ فَجَعَلَ لا يَلْتَئِمُ لَيْلَتَهُ صَارَ مِثْلَ الْكَوَّةِ، قَالَ: فَقَالَ فَتَاهُ: أَلا أَلْحَقُ بِنَبِيِّ الله أَلا فَأُخْبِرُهُ. قَالَ: فَنَسِيَ. فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا. قَالَ: وَلَمْ يُصِبْهُمْ نَصَبٌ حَتَّى تَجَاوَزَا. قَالَ: فَتَذَكَّرَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿عَجَبًا﴾ [الكهف: ٦٣]. قَالَ: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا، فَأَرَاهُ مَكَانَ الْحُوتِ. قَالَ: هَا هُنَا وُصِفَ لِي، فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ مُسَجًّى ثَوْبًا مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا، أَوْ قَالَ: عَلَى حُلاوَةِ الْقَفَا. فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، وَكَشَفَ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى. قَالَ: وَمَنْ مُوسَى؟ قَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ. قَالَ: فَجِئْ فِيمَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: جِئْتُ لِتُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا. قَالَ: إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا فَشَيْئًا أُمِرْتُ أَنْ أَفْعَلَهُ إِذَا رَأَيْتَهُ لَمْ تَصْبِرْ. قَالَ: سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا، قَالَ: فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا، وَانْتَحَى عَنْهَا. فَقَالَ لَهُ مُوسَى: أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا. قَالَ: أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا، قَالَ: لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ، وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا، فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غِلْمَانًا يَلْعَبُونَ. قَالَ: فَانْطَلَقَ إِلَى أَحَدِهِمْ بَادِي الرَّأْيِ فَقَتَلَهُ. قَالَ: فَذُعِرَ عِنْدَهَا مُوسَى ذَعْرَةً مُنْكَرَةً، فَقَالَ: أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عِنْدَ هَذَا الْمَكَانِ: رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى مُوسَى لَوْلا أَنَّهُ عَجَّلَ لَرَأَى الْعَجَبَ، وَلَكِنَّهُ أَخَذَتْهُ مِنْ صَاحِبِهِ ذِمَامَةٌ. قَالَ: إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا. وَلَوْ صَبَرَ لَرَأَى مِنْهُ الْعَجَبَ. قَالَ: وَكَانَ إِذَا ذَكَرَ أَحَدًا مِنَ الأَنْبِيَاءِ بَدَأَ بِنَفْسِهِ رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْنَا وَعَلَى كَذَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْنَا. قَالَ: فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ لِئَامٍ فَطَافَا فِي الْمَجَالِسِ يَسْتَطْعِمَانِ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا، فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ. قَالَ: لَوْ شِئْتَ لاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا. قَالَ: هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. فَإِذَا جَاءَ الَّذِي سَخَّرَهَا وَجَدَهَا مُنْخَرِقَةً فَتَجَاوَزَهَا فَأَصْلَحُوهَا بِخَشَبَةٍ، وَأَمَّا الْغُلامُ فَطُبِعَ يَوْمَ طُبِعَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ قَدْ عَطَفَا عَلَيْهِ فَلَوْ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَرْهَقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا، وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ. إِلَى آخِرِ الآيَةِ. صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، هَذَا. وَأَبُو إِسْحَاقَ هُوَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هَانِئٍ الْهَمْدَانِيُّ، مِنْ كِبَارِ تَابِعِي أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَأَصْلُ الْحَدِيثِ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقٍ

1 / 20