فإن دعا اثنان فصاعدًا أجاب الأسبق، وعند المعية أجاب الأقرب رحمًا، ثم الأقرب دارًا. وقال ابن العماد: إذا دعا اثنان شخصًا إلى وليمتين، قال النووي: أجاب السابق، فإن جاءا معًا، فإن كان منهما أحد من أقاربه فذو رحم، فإن استويا في القرب أو في البعد أجاب الأقرب منهما، لما روى أحمد وأبو داود: أن النبي ﷺ قال: " إذا اجتمع داعيان فأجب أقربهما إليك بابًا، فإن أقربهما إليك بابًا أقربهما إليك جوارًا، وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق ". ولم يعترض لما إذا استوت دورهما في القرب. والذي يظهر القرعة، فمن خرجت قرعته أجابه وترك الآخر انتهى. وذكر في الاستقصاء لابن درباس: وإذا دعاه اثنان كل واحد منهما إلى وليمة نفسه، فإن أمكن الجمع بينهما بأن تكون إحداهما عند طلوع الشمس والأخرى بعد ذلك أجابهما، وإن لم يكن الجمع بينهما بأن كانتا في وقت واحد أجاب السابق منهما في ذلك، فإن استويا في السبق بأن كلماه معًا أجاب أقربهما رحمًا، فإن استويا في الرحم أجاب أقربهما إليه دارًا، أي باب داره لأنه من أبواب البر. فكان التقديم فيه على ما ذكرناه كصدقة التطوع، فإن استويا في ذلك أقرع بينهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر فقدم بالقرعة، كما لو أراد السفر ببعض نسائه.
الشرط الخامس عشر - أن لا يعتذر المدعو عن الحضور.
فإن اعتذر له فرضي بتخلفه زال الوجوب وارتفعت كراهة التخلف كلها، أطلقوه. وقضية أنه لا فرق بين أن يكون العذر شرعيًا أو ليس على حقيقته وفيه احتمال. وفي البسيط: لو علم بقرينة الحال أنه لا يعزّ على الداعي امتناعه، ففيه تردد، حكاه في الذخائر. وظاهر الحديث يقتضي المنع.
الشرط السادس عشر - أن يكون للمرأة إذا دعت الرجال محرم.
فالأجنبي لا يجيب دعوة المرأة إذا دعته إلى وليمة، وليس هناك محرم له ولا لها، وإن لم يخل بها، بل جلست في بيت وبعثت معه خادم إلى بيت آخر في دارها، مخافة الفتنة. قال إبراهيم المروزي، وأقره النووي بعد أن ذكر من كلام الرافعي ما يقتضي الإجابة. قال السبكي: والصواب المنع، إلا أن يكون الحال على خلاف ذلك، كما كان سفيان الثوري وأضرابه يزورون رابعة العدوية ويسمعون كلامها، وكان الشافعي يأتي السيّدة نفيسة ويسمع عليها الحديث، فإذا وجدت امرأة مثل رابعة ونفيسة، ورجل مثل سفيان والشافعي لم يكره لهما ذلك انتهى. وقال الولوي العراقي: وأين مثل سفيان ورابعة والشافعي ونفيسة، بل الضابط أن يكون الحضور إليها لأمر ديني مع أمن الفتنة والله أعلم.
؟؟؟ الخارج عن الشروط السابقة
وليس من الشروط: ١ - أن لا يكون بين الداعي والمدعو عداوة، ولا أن يكون في المدعوين عدو له. صرح به الماوردي، ونقله الزركشي، ويشبه التفصيل بين أن تكون العداوة دينية، فيكون عذرًا في عدم الوجوب، وإلا فلا. قال الحصني: ما قاله الماوردي حسن إلا أن يخاف من الحضور ما يثير فتنة أو توقع ضرر، وحينئذ يكون ذلك عذرًا انتهى.
٢ - ولا تسقط الإجابة بصوم لقوله ﷺ: " إذا دعي أحدكم وهو صائم فليجب، فإن كان مفطرًا فليطعم وإن كان صائمًا فليصل " رواه مسلم من حديث أبي هريرة. والمراد هنا بالصّلاة الدعاء، بدليل رواية ابن السني: " فليدعُ لهم بالبركة ". وقيل المراد الصلاة الشرعية. ويستحب أن يدعو مما رواه مسلم عن عبد الله بن بسر، أنّ أباه أضاف النبي ﷺ فقال: " اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك لهم فيما رزقتهم ". ولا يكره أن يقول إني صائم، كما إذا شاتمه إنسان فقال: إني صائم. حكاه أبو الطيب في تعليقه عن أصحابهم.
1 / 26