Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri

Yumna Tarif Khuli d. 1450 AH
91

Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Türler

26

معنى هذا أنه لا يوجد في العالم الحسي التجريبي، عالم العلم، شيء اسمه العلية، إنها مجرد عادة سيكولوجية تجعلنا نتوقع الاطراد في الحالات المستقبلة، إذا تكرر في الخبرات الماضية، وإذا كانت العلية عادة أو طبعا

Custom or habit ، فلا بد أن يكون وجهها الآخر، أي افتراض الاطراد في الطبيعة، بدوره هكذا، ولا شيء يضمن وجوده فعلا في الطبيعة. وحين نلاحظ الحادثة «أ» تتبعها الحادثة «ب» في أكثر من مرة أو حتى في كل المرات، لا نستطيع القول إن ذلك يحدث لأن «أ» علة معلولها «ب»، وما دامت العلية والاطراد قد ارتدا إلى مجرد عادة سيكولوجية أو طبع، فكل ما نستطيع أن نقوله إن «أ» قد أعقبتها «ب» فحسب، وليس لدينا ما يبرر توقع الحادثة «ب» حين نرى «أ» مرة أخرى، أو أن نفترض قانونا يربطهما، فكل ما في الأمر أن تكرار الخبرات التجريبية أو الانطباعات الحسية يخلق فينا عادة الاعتقاد في قانون. إن معرفتنا بالعالم الخارجي، أو بالأحرى «معتقداتنا» بشأنه من قوانين علية مطردة مجرد عوائد نفسية، وليس ثمة مبرر للزعم بمثولها الفعلي في عالم التجربة الخارجي، وانطلق هيوم في تحليلات سيكولوجية للاعتقاد ولأثر تكرار الانطباعات الحسية، وهي طبعا تحليلات بدائية بالنسبة لعلم النفس اليوم، لكنه يخلص منهما إلى أن العلية والاطراد - مبدأي الاستقراء - هما تكويننا النفسي ولا نملك أن نحيد عنه.

لقد كان هيوم من السائرين في مسار النزعة النفسية التي تنكر استقلال المنطق عن الحياة والنفس، وتحاول رد العلوم والحقائق وكل شيء إلى الحياة النفسية ومكوناتها، وهذا اتجاه قديم يعود إلى ما قبل سقراط، إلى السفسطائي بروتاجوراس حين قال إن الإنسان مقياس الأشياء جميعا. وسار فيه ميشيل دي مونتاني

M. Montaigne (1532-1592م) داعية الشك المذهبي بغية توطيد الدين والعلم المنزل من الله. ولعل ديفيد هيوم أشد أقطار النزعة النفسية تطرفا، أخرج أول عمل له باسم «رسالة في الطبيعة البشرية»، رغم أنها في المنطق ونظرية المعرفة، وهي تسمية واضحة الدلالة على أن العقل البشري لا ينفصل في رأيه عن الطبيعة البشرية، بل إن العقل على نحو ما معبر عن هذه الطبيعة وثمرة لها.

27

وبالغوص في الدروب النفسية أوضح هيوم أن تكرار الخبرة الحسية التي تقع فيها «ب» بعد «أ» يخلق عادة لتوقع «ب» كلما شوهدت «أ»، في الإنسان وفي الحيوان أيضا، فكما يقول برتراند رسل، الحيوانات المنزلية تتوقع الطعام حين ترى الشخص الذي يطعمها عادة، ولكن أوليس يمكن أن يأتي يوم يطيح فيه برقبة الدجاجة الشخص نفسه الذي اعتادت أن تتلقى منه الطعام كل يوم؟ إذن تكرار الوقائع التجريبية لا يعني شيئا ولا يضمن شيئا، فمن أدرانا أن الطبيعة لن تفعل بنا ذلك في الغد، فتسممنا ثمرة فاكهة اعتدنا أنها شهية.

28

هكذا اتضح أن مبدأي الاستقراء، العلية والاطراد، يقومان على شفا جرف هار، ومردودان إلى عادة سيكولوجية أو طبع، فهل يمكن أن نقيم نسق العلم العظيم الذي علم البشرية المعنى الحق للموضوعية على مجرد عادة سيكولوجية؟! وإذا أخذنا في الاعتبار أننا سنرى في الفصل القادم توا كيف اهتزت أركان الحتمية أيضا، اتضح أمامنا كيف تتفاقم مشكلة الاستقراء، وأصبحت حجة التعميم لا عقلانية! ما دامت لا تقوم على أساس مقبول، لا منطقيا ولا تجريبيا، وأصبح على الجميع - شاءوا أو أبوا - الاعتراف بأن قوانين العلم تفتقر إلى أساس مطمئن وحجة تثبت مصداقيتها، طالما أن القانون العلمي - مهما كان عدد الوقائع التي تؤيده - يتجاوز بعموميته الخبرة التجريبية والمنطق على السواء، حتى إن التأمل في أصول المعرفة العلمية جعل نفرا من الفلاسفة التجريبيين شكاكا أو لا عقلانيين أو متصوفة. لا عجب إذن أن يدين رسل هيوم بأنه المسئول عن الشيزوفرنيا «انفصام الشخصية» التي أصابت التجريبيين العلميين. وعن اللاعقلانية التي تفشت في الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر، يقول رسل:

لقد أثبت هيوم أن التجريبية الخالصة لا تشكل أساسا كافيا للعلم، في حين أننا إذا سلمنا بتلك القاعدة الوحيدة، أي الاستقراء، كل شيء بعد ذلك يتلاءم مع النظرية القائلة إن كل معرفتنا قائمة على الخبرة، ويجب التسليم بأن هذا افتراق خطير عن التجريبية الخالصة. فقد يتساءل بعض التجريبيين لماذا نسمح بالخروج عن نطاق التجربة في هذه النقطة المتعينة ونمنع في غيرها؟! وعلى أية حال هذه تساؤلات لا تثيرها مناقشات هيوم بصورة مباشرة، ولكن ما تثبته تلك المناقشات - ولا أعتقد أن هذه الحجة يمكن معارضتها - هو أن الاستقراء كقاعدة منطقية مستقلة لا يمكن أن نستدل عليها من التجربة، ولا من قواعد منطقية أخرى، وأنه بغير هذه القاعدة يصبح العلم مستحيلا.

Bilinmeyen sayfa