Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri

Yumna Tarif Khuli d. 1450 AH
68

Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri

فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية

Türler

H. Bacqueral

عام 1896م أن ثمة إشعاعا متصلا ينبعث من اليورانيوم بصورة ثابتة لا تنقطع في أي ظروف، والأهم أنه ليس نتيجة لأية علل خارجية، فهو عملية تفكك تلقائي للذرات دون أية شروط محددة، وأن هذا ليس مقتصرا على اليورانيوم، بل سائر المواد المشعة وأقواها الراديوم. وكشأن الحركة البراونية، تعجز الفيزياء الكلاسيكية مرة أخرى عن تفسير انطلاق الطاقة من المواد المشعة بلا أي علة خارجية أو قوة مؤثرة، بل فقط تبعا لنظرية التفكك التلقائي التي وضعها رذرفورد وفردريك سودي في عام 1903م. فالراديوم مثلا يقذف بثلاثة أنواع من الأشعة: ألفا وبيتا وجاما، فتتفكك ذراته بمجرد مرور الزمن عليها، وتخلف وراءها ذرات من الرصاص والهليوم، فينقص حجم كتلة الراديوم باستمرار ويحل محلها رصاص وهليوم. وفي مقابل حتمية الفيزياء الكلاسيكية، نلاحظ لا حتمية القانون الذي يحكم هذا التفكك، فيمكن تماما تحديد معدلات التفكك والإشعاع. لكن ما لا سبيل إليه ولا جدوى منه تحديد الأجل المحتوم الذي سوف يحل بهذه الذرة دونا عن تلك، فتخضع العمليات الإشعاعية للمعادلات الإحصائية.

والواقع أن الإشعاع كان معلوما تماما للكلاسيكيين، وقد حكمته معادلات ماكسويل الفذة حكما بارعا ويتفق مع الإبستمولوجيا الكلاسيكية، بيد أنه تلقى مددا عظيما باكتشاف أنواع جديدة من الإشعاع تختلف عن الضوء في أن موجاتها أقصر أو أطول، وظلت هذه الموجات مجهولة لوقت طويل؛ لأنها غير مرئية لا تؤثر على العين المجردة، ولكنها قادرة على إظهار تأثيرات فيزيائية معينة كالحرارة والتصوير الفوتوغرافي والتأثير الكهربي، ومن هذه الظواهر ألم بها الفيزيائيون.

50

فبدأ الإشعاع رويدا بالثورة على الوضع الذي تصورت الفيزياء الكلاسيكية أنها تملكت ناصيته، ثم استفحل شأن الإشعاع حتى تمكن في القرن العشرين من امتصاص مجمل عالم المادة من الكون الحتمي الضيق الصلب الساذج وألقى بها في عالم اللاحتمية الرحب المرن ذي الدهاء العميق. لقد تحولت كتل المادة الصلبة إلى إشعاع، إلى احتمالات موضوعية - كما سنرى - وكل ما ينقض الحتمية الميكانيكية التي رأيناها صلب عالم الفيزياء الكلاسيكية وإطار إبستمولوجيا العلم الحديث، فكانت أزمة علمية مضنية، قبعت في استقبال القرن العشرين، ويجمل عالم الطبيعة النووية الروسي فيتالي ريدنيك أمر هذه الأزمة التي عرضناها الآن على النحو التالي:

مع نهايات القرن التاسع عشر أضحت الميكانيكا النيوتونية في موقف متأزم، وشيئا فشيئا اتضح أن تلك الأزمة تعني سقوط الحتمية الكونية التي تسمى علميا مبدأ الحتمية الميكانيكية، ولم يعد الكون بسيطا إلى هذا الحد ولا باقيا على حاله إلى الأبد، فلم تجلب ميكانيكا الكوانتم معها عرفانا جديدا فحسب، بل أعطتنا تفسيرا لظواهر العالم مختلفا اختلافا جذريا، ولأول مرة يعترف العلم اعترافا كاملا بالمصادفة، ربما كان علينا أن ننحى باللائمة على الفيزيائيين؛ لأنهم وقفوا حيارى، لكن كان عليهم فقط أن يتخلوا تماما عن فكرة الحتمية الأبدية التي ابتدعوها هم أنفسهم؛ فقد ظنوا أن مثل هذه الحتمية إن هي انسحقت فإن الفوضى المطلقة ستحكم الكون ولن تعود الأشياء تطيع القوانين الدقيقة، ومضى ردح من الزمن قبل أن يجد الفيزيائيون مخرجهم من هذه الأزمة.

51

وقد كانت ميكانيكا الكوانتم ونظرية النسبية اللتان أبدعهما القرن العشرون هما المخرج من الأزمة، وكان مخرجا يعني انهيار الحتمية الميكانيكية، وبالتالي انهيار تصور حقيقة الكون وطبيعة العلم اللتين ساد الظن بأن نيوتن قد اكتشفهما، وبعد عهود من التسليم الدوجماطيقي «أي القطعي»، اتضح أن الفيزياء الكلاسيكية ليست اكتشافا لهذا أو ذاك، بل مجرد إنجاز عبقري ونظرية ناجحة فقط في مجال محدود وسطحي من الظواهر.

هكذا يمكن اعتبار أزمة الفيزياء الكلاسيكية بمثابة رأس المال الجاري والنقد السائل في ميراث القرن العشرين، وقد أحسن تصريفه وتشغيله حين قوض دعائم الإبستمولوجيا الكلاسيكية، وانطلق إلى إبستمولوجيا جديدة، تمثل مرحلة مختلفة تماما من مراحل التفكير العلمي، مرحلة جديدة أعلى وأدهى تسارعت معها معدلات التقدم العلمي بصورة غير مسبوقة، فاقت كل توقع أو حتى تخيل.

وكانت هذه المهمة التي اضطلع بها القرن العشرون مهمة عسيرة حقا؛ لأن أزمة الفيزياء الكلاسيكية كانت مثقلة بالنجاح المتوالي والمستجد للفيزياء الكلاسيكية وإبستمولوجيا العلم الحديث، ومثقلة أيضا بفلسفة العلم التي نضجت وتبلورت لتعكس هذا النجاح؛ لتبرره وتفسره.

Bilinmeyen sayfa