Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Türler
هكذا بدأ العلم الحديث عملاقا يزداد تعملقا بصورة مطردة، فانبهر به أهلوه ورجالات عصره، حتى بدا تاريخ العلم مسألة ثانوية، وليس من شأنها أن تلقي الضوء على الظاهرة العلمية التي غدت باهرة مبهرة، فجرى التفكير العلمي آنذاك على منوال إغفال قيمة أو دور تاريخ العلم في تفهم الظاهرة العلمية وتعميق موقفها، فضلا عن استشراف مستقبلها ودفع معدلات تقدمها. على الإجمال عدم الالتفات إلى تاريخ العلم ... إلا قليلا.
بل منذ البدايات، كان النجاح الصاعد الواعد الذي صاحب نشأة العلم الحديث في العصر الحديث منذ القرن السابع عشر، وقد خلق ثقة زائدة في العقل وقدراته، ساهمت بدورها في الغض من قيمة تاريخ العلم! فكيف كان ذلك؟
إنها العقلانية التي ترى الحقيقة واضحة فيمكن أن يكتشفها الإنسان، ويميزها عن الباطل، إن العقلانية اتجاه تنويري مستنير يثق في الإنسان ويرفع الوصاية من عليه؛ لأنه يملك العقل وأيضا الحواس، يملك الوسائل التي تمكنه من إدراك الحقيقة واكتساب المعرفة، ولا حاجة إلى سلطة تفرض عليه لكي تدله على الحقيقة، كما كان الوضع في أوروبا طوال العصور الوسطى، فإذا كانت العقلانية مطروحة دائما بشكل أو بآخر عبر مراحل ومواضع شتى على مدى تاريخ الفلسفة، فإنها سادت القرن السابع عشر في أوروبا كثورة على خضوع العصور الوسطى الطويل للسلطة الدينية ولأرسطو، وأرست الأسس المكينة لظاهرة العلم الحديث ، وهي في هذا تدين لاثنين من كبار الأئمة، أولهما رينيه ديكارت
R. Descartes (1596-1650م) أبو الفلسفة الحديثة الذي أكد أن العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس يدرك البديهيات بالحدس - أي بالإدراك الفوري المباشر - ويصل إلى الحقائق اليقينية. الله لا يخدع أبدا، فلنثق في الله وفي العقل، ونرفع الوصاية عن الإنسان لينطلق باحثا عن الحقيقة ومشيدا للعلوم. فقدم ديكارت واحدة من أمضى صور العقلانية. أما الإمام الثاني لعقلانية القرن السابع عشر، فيرتبط اسمه مباشرة بحركة العلم الحديث، إنه فرنسيس بيكون
F. Bacon (1561-1626م) الذي رفع الوصاية عن الإنسان عن طريق الثقة في الحواس وفي الطبيعة، فكان أبا التجريبية الحادة التي اقترن بها العلم الحديث في مراحله الأولى.
ومع تباشير النجاح الصاعد للعلم الحديث، بدت هذه الثقة بالإنسان وقدراته في محلها تماما، فنتج عنها ثقة زائدة في العقل، تمخضت في القرن الثامن عشر عما يعرف باسم عصر التنوير، عصر الإيمان بقدرة العقل على فض كل مغاليق هذا الوجود، كانت فلسفة التنوير الوريثة الأمينة للعقلانية وللتجريبية العلمية في القرن السابع عشر، صهرتهما معا في إطار إيمانها الطاغي بالتقدم غير المحدود الذي تنجزه البشرية باطراد في طريق واحد لا سواه، طريق العقل والعلم.
وفي إقرار هذا استعان التنويريون بمقولة هيمنت هيمنة طاغية على التفكير الحديث، إنها مقولة الحتمية
Determinism
الميكانيكية الشاملة التي فرضتها فيزياء نيوتن على العلم الكلاسيكي الحديث من رأسه حتى أخمص قدميه، وحكمته بقضبان حديدية. والحتمية تعني عمومية قوانين الطبيعية وثبوتها واطرادها، فلا تخلف ولا مصادفة ولا جواز ولا إمكان؛ لأن كل شيء في الكون ضروري ذو علاقات ثابتة، وكل حدث مشروط بما يتقدمه أو يصحبه، فترتبت أحداث الكون في اتجاه واحد من مطلق الماضي إلى مطلق المستقبل، مما يجعل نظام الكون ثابتا شاملا مطردا، وكل ظاهرة من ظواهره مقيدة بشروط تلزم حدوثها اضطرارا، أي خاضعة لقانون يجعلها نتيجة ضرورية لما قبلها ومقدمة شرطية لما بعدها، مما يعني أن كل ما يحدث لا بد أن يحدث ويستحيل حدوث سواه.
لقد أصبحت الحتمية العلمية شاملة، ومن هذه الحتمية الفيزيائية خرجت الحتمية الاجتماعية التي تزعم قوانين ضرورية للحركة الاجتماعية، وتعضدت الحتمية التاريخية التي تزعم طريقا واحدا محتوما لمسار التاريخ، وقد استعان التنويريون في القرن الثامن عشر بهذه الحتمية العلمية في إقرار وتعيين وترسيم ما رأوه من طريق واحد لا سواه للتقدم غير المحدود الذي تنجزه البشرية باطراد، طريق العقل والعلم.
Bilinmeyen sayfa