Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Türler
37
كمعلول مباشر للأديان السماوية، أي لنصرة المسيحية بعد طول نضال واستشهاد في الغرب وانبثاقة الإسلام الفتي في الشرق. والفلسفة التي كانت تعني شتى العلوم والمعارف الكسبية والمباحث العقلية أصبحت دينية أو خادمة للاهوت، فتقوم النظرة الأنطولوجية أساسا على وجود الكيان الأعلى المفارق للطبيعة، وكل الجهود الإبستمولوجية تسلم بالوحي الصادر عنه وتسير في إطاره. الدين الآن هو المحور والراعي والمهيمن والذي اصطبغت الحضارة بصبغته، فكانت حضارة العصور الوسطى حضارة دينية. إنها مرحلة العصور الوسطى المسيحية في الغرب، والعصور الوسطى الإسلامية في الشرق لكن المتألقة الناضرة.
وتعطينا الدراسات الأنثروبولوجية أعدادا لا حصر لها من عقائد وديانات اعتنقتها البشرية منذ أولى عهودها. ومن منظور العقيدة الدينية ذاتها، نجد الدين قائما منذ آدم أول البشر ونوح أول الأنبياء، أي إن الدين قائم قبل المسيحية والإسلام بزمان سحيق. فلماذا مثلت هاتان الديانتان السماويتان نقطة تحول في مسار الحضارة الإنسانية شكلت العصور الوسطي؟ وقد كان تحولا حاسما سوف نراه يتبلور - أو يتجرد ويتجسد - في سيادة منهج معين للتفكير وللبحث ...
في الإجابة على هذا السؤال، نلاحظ أولا اختلاف المسيحية والإسلام عن اليهودية، فهذه الأخيرة ديانة خاصة لشعب خاص شعب الله المختار (نراه الآن شراذم من الأفاقين مصاصي الدماء ينهبون الأراضي ويهدمون المنازل ويكسرون العظام! ولله في خلقه شئون). أما المسيحية والإسلام فديانتان مفتوحتان هما دعوة للعالمين.
وقد مثلتا نقطة تحول؛ لأن المعلم المميز للدين السماوي هو اقترانه بكتاب منزل من رب العالمين، الأناجيل والقرآن.
إن الكتب المنزلة زاخرة بحقائق مسلم بصحتها، قضايا كلية لا جدال في يقينها، يمكن أن توضع كمقدمات لنخرج بالجزئيات المترتبة عليها والمتضمنة فيها، أي نتوصل إلى النتائج الضرورية الصدق بواسطة القياس الأرسطي. إذن فهذا المنطق الاستنباطي منهج أكثر من ملائم للتعامل مع الكتب المقدسة، التي هي الشغل الشاغل والهم الأول، فأصبح قياس أرسطو خصوصا ومنطقه عموما هو منهج البحث المعتمد طوال العصور الوسطى، فيسمى المنطق الأرسطي «الأورجانون»
Organon ، أي الأداة، أداة التفكير وآلة البحث.
من هنا كان أرسطو المعلم الأول، واحتل في تاريخ الفكر منزلة لم يحتلها فيلسوف من قبل ولا من بعد، حتى قدم توما الأكويني
Thomas Aquinace (1225-1274م) في كتابه «الخلاصة اللاهوتية» حلولا لأمهات مشاكل الفلسفة المسيحية، وكانت حلولا مستمدة من فلسفة أرسطو وشروح ابن رشد لها، هذا فضلا عما طرحته الفلسفة الأرسطية من براهين على وجود محرك أول لا يتحرك شديد الشبه بالرب المسيحي، وبإله الأديان السماوية عموما. لكل ذلك اعتمدت الكنيسة فلسفة أرسطو فلسفة رسمية لها، حتى إذا وصل الباحث إلى فكرة تخالف مثيلتها عند أرسطو، أو حتى لم يقل بها أرسطو وجب أن يتغاضى عنها، وإلا عد كافرا زنديقا مستحقا لطائلة محاكم التفتيش. وكما يقول توبي هف، حتى بدايات القرن السابع عشر كانت الهيئات الجامعية الرسمية تفرض غرامة على خريجيها وأساتذتها قدرها خمسة شلنات مقابل كل نقطة افتراق عن أرسطو أو عدم التزام بمنطقه.
أما الشرق الإسلامي فكان آنذاك أكثر استنارة وعقلانية وتقدما، واتسع للمنهج التجريبي وكان موطنا للحركة العلمية. ولم تحز كتب أرسطو في الشرق نفس المنزلة التي منحتها إياها الكنيسة في الغرب، بل إن نفرا من الفقهاء على رأسهم ابن تيمية (661-728ه) صاحب «نقض المنطق»، و«الرد على المنطقيين» قد شنوا حملة شعواء على أرسطو ومنطقه، فضلا عن أن الإسلام لا يعرف كهنوتا ولا سلطة لرجال الدين كي يكتسب أرسطو بعضا منها. لكن بصرف النظر عن الصياغة السلطوية الرسمية، لم ينج التفكير الإسلامي هو الآخر من هيمنة أرسطو، وكانت مباحث الطبيعة عند فلاسفة الإسلام مشبعة بالمعالم والموضوعات والمصطلحات الأرسطية. والطب أيضا بدأ عند الإغريق - الهيلين - ممتزجا بالفلسفة، ثم امتزج بالمنطق عند الهيلنستيين في مدرسة الإسكندرية، واستمر هكذا عند العرب. فكان ثمة «الفلاسفة الأطباء» وهم مدرسيون قياسيون رائدهم ابن سينا، و«الأطباء الفلاسفة» وهم ممارسون تجريبيون رائدهم الرازي.
Bilinmeyen sayfa