Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Türler
يقول جوزيف نيدهام: «إن العلم الصيني شبه تجريبي
quasi-empirical
وتطبيقي في جملته؛ لذا كانت الجوانب النظرية فيه أقل تقدما. وفي غضون القرنين الأول والثاني الميلاديين كانت الصين قد بلغت قمة من قمم التقدم العلمي والتقاني عبر التاريخ؛ لذلك فإنه من الناحية التقانية بالذات، يحق اعتبار الصين غاية وذروة الحضارات الشرقية القديمة.»
ومهما قيل عن ارتباط العلم في الحضارات الشرقية القديمة بالاحتياجات العملية، فإنه لم ينفصل أبدا عن الإطار المعرفي والبنية التصورية. والحق أن هذا الانفصال يكاد يكون مستحيلا؛ لأن العلم أولا وقبل كل شيء نشاط معرفي. وعلى سبيل المثال ارتبطت معارفهم الأولية لمواقع الكواكب وحركتها بمعايير ضبط الحياة اليومية، وبنفس القدر لم تنفصل عن التأمل النظري في عناية القوى العلوية؛ لأن الوجدان الشرقي وثيق الصلة بالألوهية، وأوضح راشكوفسكي في كتابه «نظرية العلم والشرق، 1980» بمزيد من التفصيل أن كوزمولوجيا العهد القديم ترجع إلى أساطير ما بين النهرين، ويمكن عن طريق هذا تتبع الصلة بين الميثولوجيا، أي الأساطير التي مثلت إطارهم المعرفي وبين عناصر العلم في هذه الحضارات؛ ليظل العلم في كل حال خير شاهد على حركية العقل البشري عبر الحضارات.
ولأن الجزر الإغريقية تتميز بقربها وتوسطها وسهولة اتصالها بمواطن الحضارات الشرقية الأسبق، فقد استوعبت ميراثها وواصلت المسير لتمثل المرحلة التالية في قصة العلم المناظرة لقصة الحضارة، وكان الفضل العظيم للإغريق في صياغة الأصول النظرية العقلانية للعلم، فضلا عن الفروض الخصيبة التي طرحها بعضهم خصوصا القبل سقراطيين، وكما هو معروف، بلغت حصافة الأصول النظرية مع الإغريق حدا، فتح الباب أمام نزعات الاستعلاء الغربي للزعم بأن العلم بدأ مع الإغريق من نقطة الصفر المطلق بإهدار تام لدور الحضارات الشرقية القديمة،
27
وعبر فجوة باهتة مظلمة هي العصور الوسطى قام فيها العرب بدور ساعي البريد أو حافظ الأمانة الذي أدخل عليها بعض التجديدات، انتقل العلم من الإغريق إلى أحفادهم وورثتهم الشرعيين في غرب أوروبا، هكذا تبدو قصة العلم من ألفها إلى يائها قصة غربية خالصة!
لقد كان الإغريق أول قوم في أوروبا يخرجون من الوضع القبلي البدائي، ويصنعون مدنية وثقافة متنامية، قبل الميلاد بستة قرون. إنهم بداية الحضارة الأوروبية التي تطورت عبر التاريخ حتى بلغت مرحلة المد الاستعماري، فلم يتوان مفكرون غربيون في تسويغه، حتى شكلوا فيلقا في الجيوش الاستعمارية، بزعم أن الغرب هو صانع الحضارة ابتداء وأبدا، فيغدو السؤدد الحضاري والسيطرة على العالمين نصيب الغرب المشروع ومكانه الطبيعي، وكان السبيل لهذا هو الإسراف في تمجيد ما أسموه المعجزة الإغريقية، وإهدار ميراث الحضارات الشرقية القديمة الأسبق منها، والتي أصبحت مستعمرة. وبينما الحضارة اختراع مصري خالص، أنجزه الفراعنة - قبل الإغريق بألفي عام - ليكون الفجر الناصع ونقطة البدء الحقيقية، راحوا يزعمون أن هذا قد انزوى، والإغريق هم نقطة بدء الحضارة الإنسانية بجملتها، وليس الأوروبية فقط، فالعلم بدأ مع الإغريق، كما بدأت الفلسفة مع طاليس، وبدأت الرياضة مع فيثاغورث، والميثولوجيا «الأساطير» مع هوميروس، والمسرح مع يوربيديس وأسخيلوس، وبدأت الديمقراطية في أثينا ... إلخ ... إلخ ... فيبدو الغرب هو الفاعل الوحيد لكل فعل حضاري، المالك الوحيد لكل غنيمة حضارية، صاحب الحق في تصريف شئون الحضارة البشرية وفقا لمصالحه. إذن الاستعمار والهيمنة على العالمين نصيب الغرب المشروع، ولأن العلم فارس الحلبة في الحضارة الحديثة فإنه يستأثر بنصيب الأسد من هذه الملحمة الزائفة التي تؤكد نقطة البدء مع الإغريق؛ تجسيدا لما أشرنا إليه سابقا من تشويه أيديولوجي، وقد انصب على تاريخ العلم.
وأجج من هذا ضعف الحصيلة المعرفية عن العلم القديم وما كان شائعا من خفوت الوعي بتاريخ العلم، ومع انطلاقة الوعي التاريخي وتنامي الدراسات في تاريخ العلم، تراجع ذلك الزعم وبدأ الإدراك الواضح لدور كل الحضارات بفضل جهود جورج سارتون وجوزيف نيدهام وأمثالهما، هذا بخلاف المحاولات الدءوبة التي مرت علينا، محاولة أن تتبع حركة العلم حتى الأصول الأنثروبولوجية، والمحصلة أن تتكامل قصة العلم عبر الحضارات، فيما يعد ظفرا معرفيا كبيرا.
وبهذا الطرح الموضوعي المتكامل يبدو العلم الإغريقي مرحلة تالية لمرحلة الحضارات الشرقية القديمة، مستفيدة منها ومواصلة لمسارها. بدأت في أيونيا ببلاد اليونان وليس في أي مكان آخر من أوروبا، لقربها وسهولة اتصالها بمواطن الحضارات الشرقية الأسبق منها، مصر وفينيقيا وبابل، فكانت تمثلا واستيعابا لميراثها، ثم تطورا لها. وكما يقول هال: اختلف العلم الأيوني عن العلم المصري القديم في أنه افتقر إلى أساس من الملاحظات التجريبية، وإذا عد طاليس - أول الفلاسفة الإغريق - من الحكماء السبعة؛ لأنه استطاع التنبؤ بكسوف الشمس، فقد فعل هذا على أساس الوثائق البابلية التي استطاع الاطلاع عليها. وعلى أية حال فإن التطور الجوهري العظيم حقا الذي أنجزه الإغريق يتمثل في بلورة مثل البحث العلمي وإرساء أسسه العقلانية. بصفة عامة انحسرت المباحث التجريبية وتمركزت إنجازات الإغريق العظمى في العقل النظري والعلوم الاستنباطية، أي في المنطق والرياضيات؛ هذا لأنهم دأبوا على تمجيد النظر وتحقير العمل حتى جاهر أرسطو بأن العبيد مجرد آلات حية لخدمة السادة الأحرار المتفرغين لممارسة فضيلتي التأمل والصداقة! لقد كان العلم الإغريقي هو المقابل الصريح للعلم الصيني، فبينما اهتم هذا الأخير بالجوانب التطبيقية والتقانية «التكنولوجية» وأغفل الجوانب النظرية والاستنباطية، فعل العلم الإغريقي العكس تماما. والواقع أن النمو الحضاري الصحي الواعد يأتي بتكامل الجانبين: العلم والتقانة، والمنهج العلمي ذاته يقوم على دعامتين؛ هما الفرض والتجربة، أو النظرية والملاحظة.
Bilinmeyen sayfa