Yirminci Yüzyılda Bilim Felsefesi: Kökenler - Hasatlar - Gelecek Perspektifleri
فلسفة العلم في القرن العشرين: الأصول – الحصاد – الآفاق المستقبلية
Türler
المضادات الحيوية والحاسبات الإلكترونية والطاقة النووية والسفر عبر الفضاء ... هذه المكتشفات بالغة التطور التي تثير الدهشة والإعجاب قد تبدو للوهلة الأولى وكأنها تنتمي لجنس آخر أو نظام مختلف من الوجود لا صلة له بإنسان ما قبل التاريخ، وهي على العكس من ذلك تمتد بجذورها للجهد الإنساني البدائي فيما قبل التاريخ المكتوب، ومحاولات أسلافنا الساذجة في استخدام الحجارة لصنع أدواتهم هي التي قادت عبر مئات الآلاف من السنين، ومثلها من محاولات لتصحيح الأخطاء، قادت إلى ما يتصف به علمنا التجريبي اليوم من كمال، فالجهد الذي بذله أسلافنا الأوائل للتنسيق بين أفعالهم البصرية وحركات أيديهم، والذي هو نوع من النشاط العلمي التجريبي، وإن كان في صورة بدائية، كان أحد أسباب نمو المخ، والذي عن طريقه تحول الإنسان تدريجيا من الحيوانية إلى الإنسانية؛ إذن العلم - بمعنى ما - أقدم من الإنسان.
7
هكذا يطرح كراوثر بواكير محاولات التحاور بين المخ وبين المعطيات الحسية والخبرات التجريبية أو بين الدماغ واليد، وتصويبها وتعديلها عبر آلية المحاولة والخطأ، وأثر ذلك على تطور المخ ليبلغ المرحلة الإنسانية، ومن هذا المنظور تكون المحاولات البدائية للعلم أقدم عهدا من إنسانية الإنسان، بل ومؤدية إليها، ويبقى أن نلاحظ كيف أن التحاور بين اليد والدماغ عبر آلية المحاولة والخطأ هو جوهر نظرية المنهج العلمي التجريبي!
ربما انطوى هذا التأويل على قليل من العسف وشيء من المبالغة، وكراوثر نفسه يطرحه كاحتمال، لكن بدايات العلم منذ العصر الحجري هو ما يأخذ به غالبية مؤرخي العلم من الراغبين في الطرح المتكامل.
وهذا هو ما يسلم به كراوثر نفسه، وعلى أساسه يؤرخ للعلم من حيث هو سجل موثق لتطور العقل الإنساني في استجابته للظروف المحيطة به؛ لذلك تتمركز تأريخات كراوثر حول صلة العلم بالمجتمع، والعلاقة التبادلية بينهما، وضرورة أن يهيئ المجتمع الظروف المواتية للتقدم العلمي، والتأثير الشديد للعلم على مناحي الحياة الاجتماعية، بدءا من الحرب والعلاقات الدولية وانتهاء بأشكال التقسيم الطبقي ووقائع الحياة اليومية.
تماما كما أكد جون ديزموند برنال
J. D. Bernal
على الوظيفة الاجتماعية للعلم، في تأريخاته المسهبة وكتابه الشهير «العلم في التاريخ» الذي صدرت طبعته الأولى عام 1954م، وصدرت طبعته الثانية المزيدة والمنقحة والذائعة الصيت عام 1957م.
ولم تكن مقابلة كراوثر ببرنال من بين جمهرة مؤرخي العلم جزافا، فكلاهما إنجليزي من أبناء القرن العشرين، من أبرز مؤرخي العلم فيه، ومن المهم أن نلاحظ دلالة تناقض المشارب بينهما؛ ذلك أن برنال ماركسي متحمس فيحمل عرضه لتاريخ العلم تمجيدا للقيم الاشتراكية وقدحا في الرأسمالية والطبقات المهيمنة التي جعلت العلم أمدا طويلا - طوال العصور القديمة والوسطى - مهنة أرستقراطية محجوبة عن العقول الموهوبة من جموع الشعب، فضلا عن تجهيل العلماء بمشاكل الجماهير واحتياجاتها، هذا بخلاف استغلال الرأسمالية الحديثة والمعاصرة لإمكانيات العلم وتقاناته «التكنولوجيا» استغلالا بشعا في قهر الطبقات والشعوب الأقل حظا، بينما نجد كراوثر أكثر اعتدالا، بلا تحزب أو تعصب، لكن يقدم الرد على هذا بكتابه المذكور؛ إذ يركز على أن العلم الحديث صنيعة الطبقة البرجوازية التي تشكلت في العصر الحديث، وشكلت بدورها معالمه.
وفي كلتا الحالتين المتقابلتين (دفاع برنال الصريح عن البروليتاريا ودفاع كراوثر الضمني عن البرجوازية) يكون الانطلاق من الفعالية الاجتماعية للعلم عبر التاريخ، وأن تاريخ العلم يبدأ منذ العصر الحجري، وكأن هذه مسلمات تلزم الباحثين في هذا الميدان مهما تناقضت المشارب والرؤية الأيديولوجية للعملية الاجتماعية.
Bilinmeyen sayfa